نجاح معارض الكتب يتطلب اشتراطات عدة، أبرزها؛ استيعاب أدبيات المهنة، والاستجابة لاحتياجات الناشر والقارئ، وتوازن بين الجانبين الثقافي والتجاري؛ وبحكم أن دور النشر تحمل سجلات تجارية وهي أهلية غير حكومية تواجه تحديات في مسار أداء رسالتها الثقافية دون الانزلاق للمكاسب دون الرسالة، أو التواري والغياب إذا تم تصنيفها تجارياً فقط. ومن أهم ما تحتاجه هذه المعارض: تخفيض الرسوم المالية على الناشر المحلي في المعارض المقامة على أرض بلده، وعدم احتكار شركة واحدة تنظيم المعارض عدة سنوات في بلد يضم شركات متعددة تمتلك القدرة على الإدارة والحضور. يضاف إلى ذلك إلغاء (ضريبة القيمة المضافة) على الكتاب في المعارض، وتقديم التسهيلات التنظيمية التي تدفع الناشر إلى تقديم أسعار مناسبة للقارئ، مع تقديم متجر إلكتروني متزامن مع المعرض يتيح التوصيل إلى كل المناطق. ولعل من أهم العناصر تفعيل دور جمعية الناشرين؛ باعتبارها الكيان الأول للناشرين، وأن يكون مجلس إدارتها من انتخاب جمعيتها العامة وليس معيّناً؛ لأن الناشرين مرخصون تجارياً وثقافياً يدفعون الرسوم لعدة جهات، فهم مهنيون بكل دلالة الكلمة، وجمعيتهم تختلف عن الجمعيات الأدبية والثقافية، وإلى جانب الجمعية يجب تشكيل لجنة في الغرف التجارية تحمي المهنة وتقاليدها مثل بقية المهن. من جانب آخر، يجب عدم مشاركة غير الناشرين في المعرض؛ سواء جهات أهلية أو رسمية والتركيز على الناشر المرخص ويلزم بوضع رقم الترخيص على جناحه. ولا أنسى جانب الإشراف فهيئة تنظيم الإعلام تمنح التراخيص وتفسح المنتج الثقافي، والمعارض وجمعية الناشرين تتبع هيئة أخرى. ومع تزايد حملات انتهاك الملكية الفكرية، نأمل أن تنشط الجهة المعنية لتعمل بشكل تطبيقي فعلي لحماية الكتاب من القرصنة التي قد تجد مكانها في بعض المعارض. ولأن المعارض تجارية/ ثقافية من واجب وزارة التجارة تقييم أداء المعارض ورصد مدى رضا المستفيدين: الناشر والقارئ (البائع والمشتري) على حد سواء. ولأن الجهة المُشرفة حكومية فإن من واجب مركز (أداء) المعني برصد مدى نجاح القطاعات قياس نجاح المعرض من وجهة جميع الأطراف وتتم العملية بشفافية واستقلال، وقد يشارك في ذلك المركز الوطني لاستطلاعات الرأي العام. وإذا استمرت المعارض بصورتها الراهنة فإنها ستتآكل وتأكل الناشرين والكتاب، وتدفع الجمهور الشغوف بالكتاب إلى البحث عن بدائل مهما كان الثمن.. والكلام يطول في هذا المجال وعن أحلامه ومآسيه ومآلاته.