في مراحل عمري الأولى كانت لدي خزانة صغيرة أضع فيها كتبي وعلى بابها من الداخل صورة كبيرة لنجم الكرة البرازيلي الموسيقار زيكو، صورة أعتقد أنني أخذتها من مجلة الصقر أو العربي لكنها تفسر معنى كرة القدم الجميلة. زيكو الذي قال عنه غابرييل ماركوتي وهو يصف خط الوسط لمنتخب البرازيل الذي واجه إيطاليا في مونديال 1982: «كان يقودهم المايسترو زيكو أفضل لاعب في العالم، ذو الرقم 10 الكلاسيكي الذي لعب بحدسه في جميع أنحاء الملعب وأنهى مسيرته باعتباره رابع أفضل هداف للبرازيل على الإطلاق، وكان فيهم فالكاو وهو مزيج مفرط النشاط من الرياضة والتقنية المتطورة، وإيدير الرجل الذي كانت طلقته بحاجة إلى رادار يتعقبها، وتونينيو سيريزو الموهوب النحيف صاحب أرجل الدجاجة الذي لا يمكن لأحد الاقتراب منه، وكل ذلك مجرد خط الوسط لفريق عظيم يلعب بأسلوب انسيابي خالٍ من الهموم والأخطاء، ثم كان هناك سقراط الطبيب المؤهل الفارع الملتحي الذي لا ينحني أبداً لأنه اعتمد السحر والجمال وبقي كالأشجار العملاقة». مرت السنوات والفتى شب عن الطوق والتقيت زيكو في الرياض حيث وجدت نفسي مراسلاً صغيراً لمجلة «الشبيبة» العمانية كنا ننزل فندق الماريوت برفقة نجوم العالم الذين سيلاقون الهلال في مباراة اعتزال الإمبراطور صالح النعيمة وفي بهو الفندق سلمت عليه فلاحت صورته التي كانت في «دولاب بيتنا» صافحته وأعطيته نسخة من المجلة واقتربت للتصوير معه، وقبل أن نلتقط الصورة سوياً رمى بمجلتي على البلاط وغادر المكان. جمعت مجلتي وشظايا نفسي وصورته التي كانت في الخزانة كما أجمع نفسي وأحلامي وأمنياتي في كل مرة تتشظى وبالذات إذا ظهرت نقاط ضعفي، رغم أنني لم أجد نقطة ضعف لأحد إلا وغطيتها بل وتمركزت حولها دفاعاً عنها وعنه. يقول ماركوتي: «وقف تيلي سانتانا الذي يعرف بأنه مبتكر أسلوب «جوجو بونيتو» مع السيليساو قائلاً للاعبيه يجب أن تفخروا كان العالم كله مفتوناً بكم» ومع دخوله وخروجه من المؤتمر الصحفي الذي كان بعد المباراة وقف الصحفيون يحيون سانتانا بالتصفيق ثم حظي باستقبال جماهيري كبير في المطار لدى عودته لريو دي جانيرو لكن سانتانا كما قال ابنه ظل يشعر بأنه مكسور لدرجة أنه غادر القارة ككل ووافق على عرض «أهلي جدة السعودي» لتدريبهم حتى يبتعد عن البرازيل، وقد لا يعلم بعد رحيله أن العالم لا يزال مفتوناً بفريقه حتى الآن أو على الأقل في صناديق ذكرياتهم الجميلة.