من المتوقع أن يكون للطاقة المتجددة دور مهم على مستوى العالم في تحقيق الأهداف المتعلقة بالوصول إلى الحياد الصفري. ولكن، لإحداث أكبر قدر من التأثير سيتعيّن على مرافق الطاقة المتجددة أن ترتبط ببطاريات تخزين. وتُعد بطاريات (أيون الليثيوم) تقنية التخزين المفضلة للطاقة المتجددة في الوقت الراهن رغم قدراتها التخزينية المحدودة، ولهذا فإنّ جهود البحث والتطوير لبدائل أكثر نجاعة لا تزال متواصلة. إنّ القدرة العالمية لتوليد الطاقة المتجددة تتزايد بوتيرة سريعة. وتبعًا لذلك، ازدادت قدرات تخزين الطاقة بشكل كبير، لكنها لم تتناسب البتة مع زيادة منشآت توليد الطاقة المتجددة، ويُعزى هذا التباين بين الإنتاج والتخزين إلى أن بطاريات (أيون الليثيوم) تخزّن الطاقة لفترات قصيرة، كما أن كمية الطاقة المحتفظ بها في هذه البطاريات تتناقص بمرور الوقت إذا لم يتم استخدامها. إضافة إلى ذلك، فإن أداء معظم البطاريات ينخفض عندما ترتفع درجات الحرارة لأعلى من 40 درجة مئوية، وهي درجة الحرارة السائدة في المملكة العربية السعودية ومنطقة الشرق الأوسط. فوائد متعددة لبطاريات التدفق وقد بحث علماؤنا في أرامكو السعودية عن نوع جديد من البطاريات (بطاريات التدفق) التي يمكنها العمل في درجات الحرارة السائدة في منطقتنا دون أن يتأثر أداؤها، كما يمكنها التغلب على بعض أوجه القصور الأخرى في بطاريات أيون الليثيوم، وبطاريات الرصاص الحمضي. صُممت بطاريات التدفق بشكل مختلف عن البطاريات التقليدية، فهي تقوم بتخزين الطاقة داخل محاليل كهربائية سائلة في أوعية تخزين منفصلة عن خلايا البطارية. وتحوّل هذه البطاريات الطاقة الكيميائية إلى كهرباء عندما يتم ضخ المحاليل الكهربائية في خلايا البطارية. وتوفّر هذه التقنية العديد من الفوائد مقارنة بالبطاريات الكهروكيميائية الأخرى نظرًا إلى أن المحاليل الكهربائية منفصلة عن خلايا البطارية، ويتم التحكم في قدرة تخزين الطاقة ومدة تشغيل النظام من خلال حجم وعاء تخزين المحاليل فقط دون تغيير في حجم خلايا البطارية. وفي الوقت نفسه، يتم تحديد كمية القدرة المنتجة حسب حجم الوحدات المتراصة أو عدد خلايا البطارية. تتميز بطاريات التدفق بسلامة استخدامها مقارنة بالبطاريات الأخرى، إذ لا يمكن أن تتسبب في أي انفجار. وهي أسهل في الإصلاح بسبب هيكلها ذي الوحدات المنفصلة، ويمكن ببساطة استبدال خلية بطارية معطلة دون استبدال النظام بأكمله. علاوة على ذلك، توفر وسيلة منخفضة التكلفة لتخزين الطاقة، وهي آمنة وغير سامة، ويسهل زيادة سعتها من كيلوواط/ ساعة إلى غيغاواط/ ساعة. وقدرتها على التفريغ بعمق يصل إلى 100% ثم إعادة شحنها. نجاح جهود أرامكو السعودية هناك مشكلة في بطاريات تدفق الفاناديوم المتوفرة تجاريًا، وهي التلف غير القابل للإصلاح إذا تعرضت لدرجات الحرارة المرتفعة كالتي تشهدها المملكة. إلا أنّ الفريق التقني في أرامكو السعودية قام بتطوير وتوسيع نطاق بطارية تدفق جديدة بمحاليل كهربائية جديدة (وهي عبارة عن محلول حمضي يحتوي على أيونات الحديد والفاناديوم). وتم تطوير نظام تخزين الطاقة بالتعاون مع شركة رونغكي باور، الشريك الإستراتيجي لأرامكو السعودية في تقنية البطاريات. وتشمل المزايا الرئيسة لبطارية تدفق الحديد والفاناديوم الجديدة استخدامًا أقل للفاناديوم، والعمل في درجات حرارة من 8 درجات مئوية تحت الصفر إلى 63 درجة مئوية، مما يلغي الحاجة إلى عملية التبريد. وقد جرى اختبار هذه البطاريات في عام 2023، حيث تم تشغيل وحدة بقدرة 50 كيلوواط/ ساعة في مرافق أرامكو السعودية في جزيرة أبو علي. ويسعى فريق أرامكو السعودية التقني الآن إلى استخدام بطاريات بحجم ميغاواط/ساعة لتوفير الطاقة لآبار الغاز غير التقليدي في وعد الشمال. ويبحث الفريق أيضًا في تطبيقات أخرى كالمساعدة في التزويد بالطاقة لمرافق التقاط ثاني أكسيد الكربون من الهواء، ولمراكز البيانات. *النائب الأعلى للرئيس للتنسيق والإشراف التقني في أرامكو السعودية