قيل: «سعادتك بيد الله، فلا صديق ينازعها ولا معشوق يمزقها، ولا قريب يتحكم بها»، قاله أديب العلماء الشيخ علي الطنطاوي.. وأقول: أعط كل شخص قيمته الحقيقية، فلا تغدقه اهتماماً زائداً، ولا تمنحه أكبر من حجمه، ولا تعطيه أقل من قدره.. إذن؛ كيف نتعلَّم مهارة ضبط المقاسات عند تكوين علاقاتنا الاجتماعية بمن حولنا؟، وكيف نعتبر من دروس التجارب الرديئة في حياتنا؟. •• •• •• حين نتأفف عمن يبهرنا برقيَّه المعلن وحنوِّه الخفي وتسامحه الاحترافي؛ نزيح عن أنفسنا هبوب فرح وعفوية رقة يتسع بها وجداننا.. وعندما نحتاج لحياة خصبة من شخوص أغدقناهم باحتفالات حب صاخبة ولا نجدهم؛ لن تزعجنا بعدها دنيا لم نحصد منها الإخلاص.. أما من لا يعرف كيفية التعامل مع المخاتلين الجحدة، فسيضع نفسه إمَّا كطفل تائه أو أنثى رقيقة لا يعرفان الخداع. •• •• •• بين أسلوب حياة لمن منحناه قدَرَه الوافر، وأنس ملون لمن أعطيناه الاعتناء الوفير؛ نمتلئ براحة وتعب لابد لهما من الراحة.. وبين اندماج مع من احتفينا بمكانتهم، وانبعاج من أنهك دهشة أوقاتنا؛ تتسرب إلينا نسمات الاحتواء وذرات الاجتواء في أعضاء البدن.. وبين وهن يجب الحذر منه، وكلالة غموض لا يعترف بها أحد؛ غابة بلا ضوابط يسكنها رداءة بشر هرِمَة بملامح نهِمَة. •• •• •• في اتخاذنا من العناء جَدَاء وجدوى؛ نتعلَّم من مِراسنا الدنيوي أموراً غدِقة لا يعرفها إلا المُجرِّب، فتمام العقل بطول التجارب.. وإذا آمنا أن الله تعالى أوجدنا وأعطانا الفضائل؛ سوف تذهب عنَّا دوامة الحيرة والألغاز المحيطة برؤوسنا إحاطة قلادة عُنق مُغلقة.. ومن يدين للحياة بقدر ما تدين له؛ ستعطيه بقدر ما يقدَّمه من خدمات، فالاحترام يبعث على الاحترام، والبغضاء يورث البغضاء. •• •• •• وعند كلام الفيلسوف «هنري ثورو»: «تقاس قيمة الشيء بمقدار الفائدة التي تعود عليك»؛ لا يُمنح قيمة لمن لا يستأهل مقدارها.. وأولئك الجاحدون المخادعون الذين لا يملكون تفانياً ولا ذمة؛ تجربة حياة مريرة مع أصدقاء غفلة تتغير وجوههم مع المواقف والأيام.. فإذا انهزمنا وانكسرنا أمام تلك الفئة المُخاتِلة؛ سنحصد هزائم متوارية توصلنا إلى نقطة الترصد، كشمس غابت وراء التلال ولم تعد.