لم تعد الأزمة العراقية تراوح مكانها بعد رفض المحكمة الاتحادية العليا دعوى حل البرلمان لعدم الاختصاص، بل تفاقمت حدتها، ما ينبئ باحتمالات تصعيدها في الأيام القليلة القادمة. واعتبر مراقبون عراقيون أن قرار المحكمة أفشل المحاولات المبذولة من رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي لإشراك التيار الصدري في الحوار الوطني، خصوصاً بعد التوافق خلال الجلسة الثانية على التوجه إلى الانتخابات المبكرة. وبرفض المحكمة حل البرلمان، تنفس تحالف «الإطار التنسيقي» والقوى المتحالفة معه الصعداء، إلا أن هذا التنفس لم يكن مريحاً؛ نظراً للخلافات التي يعيشها أقطاب الإطار. المشهد السياسي في العراق يلقي بظلاله الواسعة على المناخ العام، بما في ذلك موقف التيار الصدري الذي ازداد في صلابته بعد قرار المحكمة الاتحادية. مقربون من التيار الصدري أكدوا ل«عكاظ» في سياق ردود الفعل على اجتماع «الحوار الوطني» الأخير، أن زعيم التيار مقتدى الصدر «يرفض الجلوس مع الفاسدين أو التعامل مع لجان تنتجها تلك الطبقة السياسية». وعزا المقربون إصرار زعيم التيار الصدري على حل البرلمان، إلى أن مجلس النواب بتشكيلته الحالية غير قادر على الإصلاح، بعد الإخفاق في انتخاب رئيس للجمهورية والتجاوز على التوقيتات الدستورية لتشكيل الحكومة الجديدة. التيار الصدري كان يتوقع من خصومه الذهاب إلى تلبية مطالبه بحل البرلمان، بعد أن تدخل لإيقاف اشتباكات المنطقة الخضراء الأسبوع الماضي، بيد أن قرار المحكمة الاتحادية رفض دعوى حل مجلس النواب جاء مفاجئاً، ما يطرح تساؤلاً حول مصير الفريق الفني الذي أوصت جلسة الحوار الثانية بتشكيله من مختلف القوى السياسية لتنضيج الرؤى والأفكار المشتركة حول خارطة الطريق للحل الوطني، وتقريب وجهات النظر بغية الوصول إلى انتخابات مبكرة وتحقيق متطلباتها بمراجعة قانون الانتخابات، وإعادة النظر في مفوضية الانتخابات العراقية. ويبقى الموقف الصعب هو عقد البرلمان جلساته الأسبوع الجاري، خصوصا أنها ستبحث تشريع 25 قانوناً مؤجلاً، وتترك قضية تشكيل الحكومة إلى ما بعد التفاهمات في لجنة الحوار الوطني. وكشف قيادي في «الإطار التنسيقي» أن وجود وجهات نظر مختلفة داخل التحالف الموالي لإيران حول المضي بتشكيل الحكومة الجديدة دون موافقة الصدريين، هو ما يعطل التفاهمات حول هذا الإجراء.