أجد الشغل الشاغل لأبنائنا الخريجين البحث عن واسطة للتعيين، والأمرّ أنني وجدت من هو على وجه التقاعد يخشى أن لا يُجدد عقده أو لن تمدد خدمته إلى ما بعد سن التقاعد؛ فيبحث عما يُعرف بفيتامين «واو»، وهو الحرف السحري الذي غلب المارد، وهذا ليس حكراً على مجتمعنا العربي بل في العالم أجمع. لست ضد البحث عن الأسباب، فكلنا ذاك الشخص الذي يريد أن يكد ويعمل ويرتقي إلى أعلى المناصب، لكن لا ننسى أن رب العِباد هو مسبب الأسباب وليس العِباد.. ورغم يقيني بأن ما كُتب لي قد كُتب من قبل أن أخلق إلا أنني احترت في مسألة خوفي من المستقبل المجهول. ثمة حكاية استوقفتني لصديق عزيز من مصر، وكأنه يريد من سرده لقصته أن يخرجني من حيرتي دون أن يشعر وأن يجعلني أترك الأفكار المائجة، وأن أوحد خطوطي بمنهج الرضا والإيمان، قال: «كنت أعمل مديراً في فندق بالقاهرة يقدم الخمور، فذهبت لعالم دين استفتيه في أمري، وأفهمته أن لا مصدر لي إلا هذا العمل، وأنني منزعج بتواجدي في مكان يقدم الخمور، فنصحني بأن أترك العمل وسيرزقني الله أفضل منه ويجعل لي مخرجاً، لم أتردد وذهبت إلى مكتبي وكلي عزيمة وإصرار لتركه، وأثناء كتابتي لخطاب الاستقالة جاءني اتصال من المدير الإقليمي ليخبرني بأنه تم تعييني مديراً لأحد فنادقهم بالمدينة المنورة». سبحان الله عز جلاله، من ابتغى رضاه أعطاه أكثر مما ابتغاه، احترت لمَ لمْ يفكر هذا الصديق مثلنا ويتردد ويضع لنفسه الأعذار، أحقاً هذا ما يسمى «قوة الإيمان»؟!. كنتُ أقرأ قبل أيام كتاباً فوجدت مؤلفه يذكر مقولة متداولة في يومنا هذا «أنا أعمل لأضمن مستقبلي ومستقبل أبنائي»، هنا سألت نفسي من الضامن؛ أنحن من نضمن مستقبلنا ومستقبل أبنائنا أم أنه الله عز وجل؟!، فإذا كنا على يقين بأن الله هو الضامن، إذن؛ لمَ هذا الخوف والقلق والانشغال بهذه المسألة وجعلها جُل اهتمامنا؟.