تواجه رئيسة الوزراء البريطانية الجديدة ليز تراس مجموعة من التحديات السياسية المتنوعة وغير المسبوقة سواء على الصعيدي الداخلي أو الخارجي، أبرزها: حرب في الشرق، أزمة معيشة في الداخل، وصعوبات في ملف الطاقة. وتتسلم تراس منصبها رسمياً اليوم (الثلاثاء)، بعد تعيينها من قبل الملكة إليزابيث في تقليد «تقبيل الأيادي» الذي يجري بشكل استثنائي في قلعة بالمورال في اسكتلندا لأول مرة منذ حكمت بريطانيا. ونالت تراس 57% من الأصوات مقابل 43% لمنافسها وزير المال السابق ريشي سوناك، في انتخابات حزب المحافظين الحاكم لتصبح زعيمة للحزب ورئيسة للوزراء. وبحسب صحيفة «الغارديان» البريطانية، فإن ملفي الطاقة وتكلفة المعيشة أصعب التحديات، ومن المرجح أن تحدد الطريقة التي تتعامل بها مع هذه الملفات مسار رئاستها للوزراء، ومستقبل بريطانيا الاقتصادي في السنوات القادمة. واعتبرت أنه من الصعب المبالغة في تقدير صعوبة المهمة التي تواجه تراس، إذ تؤكد الحقائق على الأرض أن الحكومة تقوم بالتخطيط للطوارئ في الشتاء عبر تقنين الطاقة المحتمل وقطع التيار الكهربائي لبعض الوقت. وأبدى خبراء مخاوفهم أن تتعرض بريطانيا لحالة طوارئ اقتصادية واجتماعية وإنسانية تؤدي فيها فواتير الطاقة التي لا يمكن تحملها إلى خلق إغلاق الأعمال، وانتشار الفقر المدقع، وآلاف الوفيات الإضافية خلال فصل الشتاء. وبحسب تقارير بريطانية، فإن الشرطة تجري الاستعدادات لاحتمال اندلاع أعمال شغب أو اضطرابات مدنية أوسع نطاقاً، ضد أسعار الطاقة وتراجع مستوى المعيشة. وتحدثت الصحيفة عن مخاوف من أن يؤدي تراجع إمكانات التدفئة في الشتاء وتزايد الفقر، إلى ضغوط على مؤسسات الرعاية الصحية التي تعاني الإجهاد والتراجع منذ جائحة كورونا. وبخلاف التحديات السابقة، فإن تراس تواجه واقعا سياسيا صعبا وربما أصعب من أي شخص تولى المنصب في العقدين الماضيين، إذ إن آخر 3 شاغلين لمنصبها عن حزب المحافظين إنما استقالوا أو أجبروا على الاستقالة قبل وقت طويل من نهاية ولايتهم. لذلك، فإنها تواجه تحديا رئيسيا يتمثل في توحيد حزب المحافظين المنقسم بشدة، والذي واجه أزمات سياسية صعبة منذ استقالة رئيس الوزراء السابق ديفيد كاميرون إثر تصويت البريطانيين بنعم للانفصال عن التكتل الأوروبي. وأول اختبار تواجهه هو مدى قدرتها على جمع وزراء من أجنحة حزب المحافظين المختلفة في الحكومة الجديدة، وقدرتها على مواجهة قطاع مؤيديها الذي سيفقد عدداً من المناصب العليا في حال تشكيل حكومة ممثلة لكل الحزب. وفي حال فشل تراس في أول اختبار، فإنها قد تواجه وضعا صعبا في البرلمان، إذ لا تحظى بدعم أغلبية أعضاء البرلمان عن حزب المحافظين، وقد يتطور الأمر إلى ضربات ب«نيران صديقة». وتبدو حرب أوكرانيا التحدي الأسهل أمام تراس من منطلق أنها كانت وزيرة خارجية حتى ساعات مضت، وتعتبر مرشحة جونسون المفضلة لاستكمال إرثه، لذلك فمن المتوقع أن تحافظ على دعم لندن الكبير لكييف في الحرب ضد موسكو. لكن على غرار قادة العالم الآخرين، ستواجه صعوبات مع تقدم القتال، وعدم وجود حل واضح في الأفق، خصوصاً عندما تبدأ عواقب أزمة أسعار الطاقة بالظهور في الشتاء. لذلك، من المتوقع أن تواجه ضغوطا داخل حزب المحافظين من أجل خطة بديلة في أوكرانيا. ويبدو الخط الرسمي لفريق تراس هو عدم إجراء أي انتخابات حتى تنتهي الفترة التشريعية الحالية، أي إجراء الانتخابات كما هو مقرر في ديسمبر 2024، أو يناير 2025. لكن رئيسة الوزراء الجديدة قد تواجه صعوبات في تمرير التشريعات، خصوصاً في مجلس اللوردات. كما تخشى ما حدث لرئيس الوزراء السابق جوردون براون في عام 2008. ورغم أن أزمة الطاقة قد تجعل احتمال إجراء انتخابات مبكرة غير مرجح، ولكن إذا رأت تراس أي ارتداد سريع في الاستطلاعات لصالح حزبها، أو نجحت في تحقيق انتعاش اقتصادي مؤقت، قد يكون إغراء رمي النرد في هذه الحالة ساحقاً، وتدعو لانتخابات مبكرة.