ما أعظم تدبير الله، وما أبهى عفوه؛ جعل من رحمته مواسم الطاعات سلوة للمسلم، وبهجة للعابد، وملاذاً للخائف؛ لتأمن النفوس بمدبر الأمور، وتلوذ القلوب بعلام الغيوب، فقد كان شهر من الصيام والقيام، تنوعت به الطاعات، وفُتحت فيه أبواب الجنان، فكان الفوز بالعتق من النيران، فما أبهى تلك الأيام، وما أزهى لياليها، أعادها الله علينا أعواماً عديدة، وأزمنةً مديدة، ونحن في صحة وعافية، متنعمين في أمن وأمان؛ لننال المزيد من الطاعات، ونقدم الكثير من القربات، طلباً لرضا رب السماوات. وما أن ينقضي رمضان حتى تهل البشارة بهجة للنفوس والألباب، وسعادة للقلوب والأبدان، حين يطل علينا الهلال مؤذناً بحلول عيد الفطر السعيد لنحلق معه في سعادة غامرة، وننتشي منه فرحةً عارمة تذيب عن كواهلنا مشقة الصيام، وتعب القيام؛ ليرتوي من نهره العذب الصغير والكبير في أيام ثلاثة نصنع فيها السرور لتكون ذكرى جميلة، نستعرض رونقها عاماً بعد عام، كحال ما مضى من أعياد علقت بالذاكرة، بجمالها وعذوبتها، وبريق صفائها. تتسارع الحياة بمجرياتها، ونرى الكثير من أحداثها لنستمر فيها بين الفرح والحزن، والسعادة والبؤس، في طور من السنن الكونية، والأقدار المكتوبة، فما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك. فهي رسالة عابرة، وبوح بنية صادقة، أن تَفرح بالعيد وتُفرح، وأن تَسعد به وتُسعد، لتكون ممن يُشع بالبهجة بإدخال السرور على أسرته، ويضيء بالفرح بصلة رحمه، وينشر السرور بزيارة أصدقائه؛ لتنال من الله الأجر، وممن حولك الود، ومن نفسك الرضا؛ ليعلق هذا العيد بذكرى جميلة تستلهمها في سنواتك القادمة بلذة، ويعيش معها من حولك في ذكرياتهم الحالمة ببهجة، فكن واعياً للعيد السعيد؛ لتكون جزءاً من أسباب فرحه.