حظيت منطقة عسير باستراتيجية واعدة تحت شعار «قمم وشيم»، أطلقها ولي العهد لتطوير المنطقة وجعلها وجهة عالمية طوال العام. الحديث عن عسير يبدأ دائماً بالاسترسال في روعة الأجواء وسحر الجبال الشاهقة التي تعانق الضباب، ولا يمكن أن ينتهي الحديث دون أن يسوقنا للموروث العظيم لأهالي المنطقة، والعمق التاريخي الأصيل، فمن هنا انطلقت هذه الاستراتيجية التي ترتكز على الإنسان والاقتصاد والأرض. منذ نحو عام ونصف انتقلت إلى مدينة أبها للعمل هناك، ولم تكن المنطقة جديدةً عليّ، ولم أكن غريباً عليها، إلا أنني وحتى اليوم لست قادراً على استيعاب غزارة الإعجاز الفني الذي يمتلكه الفنانون في المنطقة بمختلف الأشكال والقوالب الفنية. تعيش المنطقة مرحلةً مهمة كباقي مناطق المملكة في مواكبة التحول العظيم والسريع، وتأبى إلا أن تتميز سياحياً وتبرز تراثياً، وأمنيتي كمتذوق للفنون وصديق للفنانين أن يشمل هذا التحول تطويراً ملموساً في خلق عالم فني متكامل في هذه المنطقة التي تفيض بالفن والفنانين. وهنا دعوة بالمناسبة لكل الفنانين حول العالم أن يزوروا عسير ليتمكنوا حتماً من صناعة أجمل اللوحات التشكيلية والصور الضوئية، ويجدوا ألف قصة ورواية، ويجمعوا الأبيات والقصائد حينما يستشعرون جمالها ويتشبعون من إلهامها، ليس لرقتها وعذوبتها فحسب، بل لأنها المنطقة التي تكنز الفنون، وأحد أهم الشواهد على ذلك هو «شارع الفن» بمدينة أبها، الذي يمثل قلبها النابض ويعتبر مساحةً رسمية لأعمال الفنانين والهواة. ماذا لو ضخ المستثمرون بالتعاون مع الجهات المعنية تمويلاً لصالح مهرجان عالمي متخصص في نوع من الفنون يقام سنويا على غرار مهرجانات السينما العالمية أو الفنون التشكيلية أو حتى معارض فنية ضخمة؟ أخيراً.. وماذا لو ثمة متحف كبير يعرض ويخلّد أعمال فنانينا وأعمال الفنانين من أنحاء العالم، اليوم ومع الدعم اللامتناهي المتمثل في وجود هذه الاستراتيجية تستحق منطقة عسير وبجدارة أن تكون قِبلةً للفنون كما هي كذلك للسياحة.