في عالم سريع التغير، يدرك ولي العهد الأمير محمد بن سلمان أن المعرفة تشكل الأداة المثلى لبناء الأوطان وجعل المستقبل أكثر أماناً في ظل بناء اقتصاد المعرفة المستدام لضمان رفاهية وسعادة المواطن والمقيم، لذا حرصت المملكة في رؤيتها الجديدة على تعزيز الذكاء الاصطناعي. وتم إنشاء الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (SDAIA)، وهي هيئة حكومية سعودية ترتبط مباشرةً برئيس مجلس الوزراء، فيما يرأس مجلس إدارتها نائب رئيس مجلس الوزراء، ويلحق بها «المركز الوطني للذكاء الاصطناعي»، و«مكتب إدارة البيانات الوطنية» اللذين تم إنشاؤهما معها، ويرتبطان بها تنظيمياً، إضافةً إلى مركز المعلومات الوطني. ومن هذا السياق، أكد الأمير محمد بن سلمان في القمة العالمية للذكاء الاصطناعي التي استضافتها السعودية، تحت شعار «الذكاء الاصطناعي لخير البشرية» أن المجتمعات لا بد أن تعيد تعريف أساليب حياتها وأعمالها للتفكير والعمل بأقصى إمكاناتها في سبيل الارتقاء وبناء اقتصاد آمن، إذ أصبحت التقنيات الحديثة جزءاً مهماً من حياتنا اليومية، وبوابة لمجتمعاتنا المستقبلية، وبات تأثير الذكاء الاصطناعي واضحاً في الاقتصاد من ناحية الثروة الفردية أو التغيرات المالية الأوسع نطاقاً. وعلى الرغم من أن كثيراً من خبراء الذكاء الاصطناعي لا يخفون مخاوفهم من تنامي اعتماد البشرية على خوارزميات الذكاء الاصطناعي وتطوير التعلم العميق للآلات ووصوله إلى قدرات غير مسبوقة من السيطرة والتلاعب بالمجتمعات أو أخذ مكان البشر في الوظائف، إلا أن علماء وصناع قرار عالميين يرون أن اختفاء قدر كبير من الوظائف تقابله بوادر ومؤشرات على رفاهية الإنسانية ورخاء المجتمعات. وهو ما أكد عليه الأمير محمد بن سلمان عندما خاطب المشاركين قائلاً: «في السعودية نترجم ذلك بإطلاق الإستراتيجية الوطنية للبيانات للذكاء الاصطناعي بطموح واضح لأن تغدو المملكة أنموذجاً للذكاء الاصطناعي في العالم». وقال الأمير محمد: مما لا شك فيه أن عام 2020 كان عاماً استثنائياً لاختبار إمكانيات الذكاء الاصطناعي في الوقت الذي نشهد فيه تشكّل حالةٍ عالمية جديدة تعيد تعريف أساليب حياتنا وأعمالنا وتعلّمنا. كل هذا يدعونا جميعاً إلى التفكير والعمل بِجد للاستفادة من الذكاء الاصطناعي وإطلاق أقصى إمكاناته في سبيل الارتقاء بمجتمعاتنا واقتصاداتنا، وإننا في المملكة العربية السعودية نترجم ذلك اليوم بإطلاق الإستراتيجية الوطنية للبيانات والذكاء الاصطناعي، بطموحٍ واضحٍ لأن تغدو المملكة أنموذجاُ للذكاء الاصطناعي في العالم... حيث نجعل أفضل ما في البيانات والذكاء الاصطناعي واقعاً. وإنني أدعو هنا كافة الحالمين والمبدعين والمستثمرين وقادة الرأي للانضمام لنا هنا في المملكة لنحقق معاً هذا الطموح ونبني نموذجاً رائداً لإطلاق قيمة البيانات والذكاء الاصطناعي لبناء اقتصادات المعرفة والارتقاء بأجيالنا الحاضرة والقادمة. إلا إننا كذلك ندرك مخاطر الفجوة الرقمية بين دول العالم المتقدم والنامي، وما شكّله عام 2020 من تحدٍ تمثّل في توسّع هذه الفجوة والمصاعب التي ستواجهها العديد من الدول في مواكبة ركب التقدم الرقمي، وبالأخص في مجال الذكاء الاصطناعي مستقبلاً. لذلك أخذنا في المملكة زمام المبادرة لمعالجة هذه التحديات وتقليص الفجوة في الاستفادة من إمكانات الذكاء الاصطناعي، ونتطلع في هذه القمة إلى الإعلان عن عددٍ من المبادرات الهامة مع شركائنا العالميين لتسريع تبني إمكانات الذكاء الاصطناعي لتحقيق التنمية المستدامة وتعزيز الاستفادة من الخبرات العالمية في هذا المجال. ختاماً، أدعوكم جميعاً للعمل بروح التعاون لنرسم معاً مستقبل الذكاء الاصطناعي بما يخدم المجتمعات كافة، ويقدّم المشاركة على التنافس، ويركّز على سبل الاستخدام الموثوق والمسؤول للذكاء الاصطناعي وتطبيقاته، خدمةً للبشرية. وأكدت قمة الذكاء الاصطناعي سعي المملكة لتحقيق تطلعاتها في الريادة العالمية من خلال الاقتصاد القائم على البيانات والذكاء الاصطناعي، وتجسد القمة دور الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا) في القيادة الاستراتيجية للاقتصاد البديل بالتعاون مع العديد من الجهات ذات العلاقة للمساهمة في تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030.