رفض علماء بريطانيا أمس مساعي مزيد من الدول الأوروبية للتقليل من شأن مأمونية لقاح أسترازينيكا-أكسفورد. وقالوا إن ذلك لن يؤدي إلى شيء سوى مزيد من التأخير لحملات التطعيم المتباطئة أصلاً في بلدان الاتحاد الأوروبي. وكانت فرنسا، وألمانيا، وإسبانيا أعلنت (الإثنين) أنها قررت تعليق استخدام اللقاح الإنجليزي إلى حين صدور نتائج تحقيق أجرته وكالة الأدوية التابعة للاتحاد الأوروبي، في شأن مزاعم عن أنه تسبب في جلطات دموية لبعض من حُقنوا به. وانضمت الدول الثلاث إلى كل من الدنمارك، وهولندا، وآيرلندا، وبلغاريا، والنرويج، وتايلند، وإندونيسيا التي سبقتها إلى تعليق استخدام اللقاح الإنجليزي، الذي طوره علماء جامعة أكسفورد. ويأتي ذلك على رغم تمسك كل من منظمة الصحة العالمية، ووكالة الأدوية الأوروبية بأن فوائد تعاطي اللقاح الإنجليزي أكبر من مضارّه، وبأنه لا يوجد دليل علمي قاطع على وجود صلة بين تعاطي اللقاح الإنجليزي وحدوث خثرات وريدية دموية. وقالت وكالة الأدوية الأوروبية (ما يعادل هيئة الغذاء والدواء الأمريكية) أمس إن 11 مليون جرعة من لقاح أسترازينيكا استخدمت في بريطانيا، وإن عدد حالات التجلط المشار إليها ليس أكثر مما يحدث في الحياة بشكل طبيعي. ورأت صحيفة «ديلي تلغراف»، في إحدى افتتاحياتها أمس، أن الحملة التي يقودها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ليست سوى إسقاط منهما للفشل الذريع الذي تتعرض له حملات التطعيم في أوروبا. واعتبرت الصحيفة أمس أن علاقات مفوضية الاتحاد الأوروبي مع شركة أسترازينيكا تشهد أصلاً توتراً منذ أشهر عدة، بعدما اتهمت بروكسل الشركة الإنجليزية - السويدية بمحاباة بريطانيا، وتخصيص كميات أكبر من اللقاح لها، على حساب ما تعاقدت عليه أوروبا معها. وزاد الأمر توتراً إعلان أسترازينيكا أمس الأول أنها لن تتمكن من توفير الإمدادات المتعاقد عليها خلال الربع الثاني من 2021، بسبب عقبات إنتاجية. وأعلنت بروكسل أن إعلان الشركة البريطانية يعد مخالفة لأحكام العقد المبرم بينهما. وأدى الخلاف المتفاقم بين الجانبين الى إصدار بروكسل قراراً يمنع نقل اللقاح الإنجليزي إلى آيرلندا، بدعوى أن آيرلندا الشمالية خرجت من الاتحاد الأوروبي ضمن أقاليم المملكة المتحدة. وفي وقت لاحق استخدمت إيطاليا الإجراءات الأوروبية نفسها لمنع أسترازينيكا من تصدير 250 ألف جرعة من لقاحها إلى أستراليا، بعد تصنيعه في مصانع تابعة للشركة الإنجليزية في إيطاليا. واستخدم الاتحاد الأوروبي حتى الآن 6.9 مليون جرعة من اللقاح الإنجليزي، من 14.9 مليون جرعة تقبع في مستودعاته. واستخدمت ألمانيا 1.35 مليون جرعة من 3 ملايين جرعة تم شحنها إليها. واستخدمت فرنسا 919115 جرعة من 2.38 مليون جرعة سلمت لها. أما إيطاليا فاستخدمت 677651 جرعة من 1.5 مليون جرعة حصلت عليها. وبعد الإبلاغ (الإثنين) عن 7 حالات لمصابين بجلطات دموية؛ قالت وكالة الأدوية الأوروبية إن آلافاً عدة من الأشخاص يصابون بالجلطات في الاتحاد الأوروبي كل عام لأسباب مختلفة. وأضافت: تتمسك وكالة الأدوية الأوروبية برأيها القائل إن فوائد لقاح أسترازينيكا، خصوصاً منع الإصابة بمرض كوفيد 19، وما يرافقه من تنويم ووفاة، تفوق كثيراً مخاطر حدوث مضاعفات جانبية. وعلى رغم نصح كبيرة علماء منظمة الصحة العالمية سوميا سواميناثان بضرورة استمرار الدول في إعطاء اللقاح الإنجليزي لسكانها، إلا أن الدول المذكورة قررت وقف استخدامه «على سبيل الاحتراز». وقال وزير الصحة الألماني جينس سباهن، في مؤتمر صحفي الليل قبل الماضي: لم يكن قرار تعليق استخدام لقاح أسترازينيكا سهلاً علينا. لكنه خطوة احترازية تماماً. وقال الرئيس الفرنسي ماكرون: القرار الذي اتخذ لتعليق استخدام لقاح أسترازينيكا تحوطي، ونأمل أن نستأنف استخدامه سريعاً إذا سمحت بذلك وكالة الأدوية الأوروبية. وأعلنت شركة أسترازينيكا أنها لا تعرف أكثر من 37 حالة تجلط وريدي من بين أكثر من 17 مليون نسمة تعاطوا اللقاح. وحذر علماء بريطانيون من أن الخطوة الأوروبية ستشجع شعوباً أخرى على الإحجام عن التطعيم في أتون الجائحة التي لا تلوح لها نهاية. وقال خبير اللقاحات الفرنسي البروفسور جان فرانسوا تيمست لإذاعة «راديو فرانس» أمس: «إذا طعمت 100 ألف شخص تزيد أعمارهم على 50 عاماً، اليوم وليس غداً، فإنك تُقلِّص الوفيات ب 15 حالة». وأضاف أن ألمانيا لديها 1.7 مليون جرعة من اللقاح الإنجليزي تقبع في المستودعات المبردة دون استخدام، ما يعني أنها قد تتكبد 1785 وفاة. وفي المقابل؛ أعلنت كندا، وأستراليا، وبلجيكا- والأخيرة عضو في الاتحاد الأوروبي وتستضيف مقر مفوضيته- أنها ستستمر في تلقيح سكانها بمصل أسترازينيكا. وعلى رغم موقف تايلند المناوئ للقاح الإنجليزي بعد إعلان الدول الأوروبية تعليق استخدامه، إلا أن رئيس وزرائها برايوث تشان أوتشا كان أمس (الثلاثاء) أول تايلندي يخضع للتطعيم بأسترازينيكا، أمام عدسات المصورين في العاصمة بانكوك. وقال لدى تطعيمه: اليوم أعزز الثقة في التطعيم من أجل الجمهور العام. ورأت أسوشيتدبرس أمس أن التطورات الراهنة بشأن لقاح أسترازينيكا ستؤدي إلى تأخير حملة التطعيم في بلدان الاتحاد الأوروبي أشهراً إضافية؛ ما يعني أن أوروبا لن تستطيع الوفاء بتعهداتها بتطعيم 75% من سكان بلدانها بحلول 21 سبتمبر القادم. «مراجعة مستقلة» لتجارب «الإنجليزي» في أمريكا فيما يختصم الأوروبيون على مأمونية لقاح أسترازينيكا-أكسفورد؛ أعلن رئيس المعاهد القومية الأمريكية للصحة الدكتور فرنسيس كولينز الليل قبل الماضي أن شركة أسترازينيكا وجامعة أكسفورد قدمتا نتائج التجارب السريرية على لقاحهما، التي شملت 30 ألف متطوع أمريكي، إلى مراجعين مستقلين ليقرروا ما إذا كان هذا اللقاح فعالاً ومأموناً. وأضاف كولينز أنه إذا كانت النتائج إيجابية، فإن هيئة الغذاء والدواء الأمريكية قد تفسح اللقاح الإنجليزي للاستخدام في غضون شهر، ما سيضيف لقاحاً رابعاً للقاحات المستخدمة في الولاياتالمتحدة لصد جائحة كورونا. وسئل الدكتور كولينز عن تعليقه على ما تردد عن إصابة نحو 50 من 17 مليون نسمة تم تطعيمهم باللقاح الإنجليزي بتخثر وردي عقب التطعيم؛ فردّ بأنه لم يطلع شخصياً على بيانات التجارب السريرية، لكنه «تلقى تطمينات جيدة» من بيانات هيئات الأدوية الأوروبية التي أكدت أن مثل تلك الحالات يمكن أن تحدث بشكل عرضي، وأنها ليست لها صلة باللقاح نفسه.