ليست هي المرة الأولى التي تطال فيها الاتهامات لقاح أسترازينيكا الإنجليزي الذي ابتكره علماء جامعة أكسفورد. ويبدو أن المحاولة الأخيرة لربطه بالإصابة بجلطات دموية ستتهاوى تحت وطأة الدلائل القوية التي تؤكد نجاعته ومأمونيته. وتخوض أوروبا صراعاً مريراً ضد لقاح أسترازينيكا-أكسفورد الإنجليزي، بدعوى أنه يتسبب في جلطات دموية لبعض من يتطعمون به، فيما ألمح مراقبون أن دوافع الدول الغربية التي أعلنت إيقاف استخدام اللقاح سياسية. وبدأت الأزمة الأخيرة بإعلان الدنمارك الخميس الماضي وقف التطعيم بلقاح أكسفورد، بعدما أصيب شخص بجلطة بعد تطعيمه، أدت إلى وفاته. وسارعت جارتها النرويج إلى اتخاذ قرار مماثل. وأعلنت وكالة الأدوية الحكومية الإيطالية في اليوم نفسه وقف استخدام شحنة محددة من اللقاح الإنجليزي «تحوطاً من تأثيرات مغايرة». وسارعت وكالة الأدوية التابعة للاتحاد الأوروبي، التي فسحت اللقاح المذكور للاستخدام في الدول ال27 الأعضاء، علاوة على آيسلندا وليختنشتاين، والنرويج، للقول إن فوائد اللقاح الإنجليزي تفوق مخاطره، ولذلك يتعين الاستمرار في تلقيح السكان به، مع استمرار التحقيق في حادثة الجلطة المشار إليها. وفسر وكيل وزارة الصحة السعودية الدكتور عبدالله عسيري، الجدل المفتعل حول اللقاح بأربع نقاط، مستعرضاً أنه لقاح غير ربحي وهو أكثر اللقاحات مرونة من ناحية التخزين والتوزيع. وأضاف أن آلية ترخيص اللقاح مختلفة ما مكن من إنتاجه بنفس الجودة في عدد كبير من الدول. وأكد أن فعاليته على أرض الواقع أعلى مما ظهر في الدراسات السريرية. وجددت وزارة الصحة السعودية تأكيدها أكثر من مرة فعالية ومأمونية اللقاحات المستخدمة في السعودية، ومن ضمنها لقاح أسترازينيكا. وقال المتحدث باسم وزارة الصحة الدكتور محمد العبدالعالي، الأحد، إن لقاح أسترازينيكا آمن وفعال وجرى اختباره قبل اعتماده. وأعرب وزير الصحة الألماني جينس سباهن (الجمعة) عن أسفه لقرار الدول المجاورة لبلاده، على رغم عدم وجود أدلة تثبت صلة ظاهرة بين اللقاح والإصابة بالجلطات. وقالت الوكالة الأوروبية إنه لا توجد أدلة حالياً على أن اللقاح الإنجليزي تسبب في تلك الحالات. وأضافت أن عدد الأشخاص الذين أصيبوا بجلطات بعد التطعيم ليس أكثر منه لدى من لم يتم تطعيمهم. وقالت شركة أسترازينيكا إنها حللت السجلات الطبية لأكثر من 10 ملايين شخص تم تطعيمهم بلقاحها، ولم تجد أي مخاطر تذكر لأي شريحة عُمرية، ولا في أية شحنة من اللقاح. وانضمت النمسا، وبلغاريا، وإيستونيا، ولاتفيا، ولوكسمبورغ إلى قائمة الدول التي أعلنت وقف استخدام شحنات معينة من اللقاح الإنجليزي، بعد وفاة ممرضة (49 عاماً) بعد خضوعها للتطعيم بلقاح أسترازينيكا. وعلى رغم ذلك سعى مستشار النمسا سباستيان كيرز إلى حشد التأييد للقاح الإنجليزي. وقال أصغر رئيس وزراء في العالم كيرز (34 عاماً) إنه سيخضع للتطعيم باللقاح الإنجليزي نفسه أمام عدسات المصورين الصحفيين. وقال كيرز: سآخذ هذا اللقاح لأقول للعالم إنه لقاح مأمون. وقالت منظمة الصحة العالمية أمس الأول إنه يتعين المضي في استخدام لقاح أكسفورد كالمعتاد. واستمرت كندا، والمكسيك، وأستراليا، وبلجيكا في تطعيم مواطنيها بهذا اللقاح. وقال وزير الصحة الهولندي هوغو دي يونغ: لا يوجد سبب يجعلنا نوقفه. إنه لقاح جيد. وقال وزير الصحة البلجيكي فرانك فاندينبروك: من الصعب فهم ما قام به الدنماركيون. وقال وزير الصحة الفرنسي أوليفييه فاران إنه تشاور مع وكالة الأدوية الفرنسية بشأن القرار الدنماركي، فأبلغه علماؤها بأنه يتعين اتباع نصح وكالة أدوية الاتحاد الأوروبي بأن استخدام لقاح أكسفورد غير محفوف بالمخاطر. وتمسكت شركة أسترازينيكا بأنها راجعت سجلات أكثر من 20 مليوناً تطعموا بلقاحها في بريطانيا ولم تصادف مشكلة من ذلك القبيل. وأكدت، في بيانٍ الأحد، أن سجلات 17 مليوناً تم تلقيحهم بهذا اللقاح في بريطانيا وأوروبا لم تورد أية حادثة تتعلق بتجلط الدم. وكانت الدول التي قررت تعليق استخدام لقاح أسترازينيكا أبلغت حتى 8 مارس الجاري عن 15 جلطة في الساق، و22 جلطة في الرئة. وقالت مستشارة اللقاحات السابقة لدى منظمة الصحة العالمية هيلين هاريس إن على السياسيين أن يتصرفوا بحذر شديد إزاء هذه الأزمة، حتى لا تتضرر حملات التطعيم في العالم.