في التاسع من نوفمبر الماضي وخلال الحملة الانتخابية للرئيس الأمريكي جو بايدن، شن هجوماً لاذعاً على الرئيس التركي رجب أردوغان، معلناً دعمه للمعارضة التركية. ومضى بايدن إلى أكثر من ذلك، خلال لقاء مع صحيفة «نيويورك تايمز»، عندما قال إنه سيشجع المعارضة لهزيمة أردوغان في الانتخابات، واصفاً إياه ب «المستبد»، و«أكثر من مجرد رئيس لتركيا». تصريحات بايدن أثارت غضب أنقرة التي حشدت عبر كل الأحزاب التركية للرد على المرشح -بايدن آنذاك- بينما جاء الموقف التركي على لسان المتحدث باسم الرئاسة إبراهيم كالين الذي هاجم بايدن، مضيفاً «ولى الزمن الذي كانت تتلقى فيه تركيا أوامر من الخارج. لكن إذا كنت تعتقد أنك تستطيع فعل ذلك، فجرّب ذلك. ستدفع الثمن». توقفت المناوشات التركية الأمريكية عند هذا الحد، لكن حتى الآن ثمة أوضاع غير مريحة في التعامل التركي الأمريكي في الفترة القادمة، التي وعد بها بايدن بترميم العلاقات الدولية، وبطبيعة الحال لا بد من التعامل بطريقة ما مع تركيا!. أول تعيينات الرئيس الأمريكي للمناصب الحساسة في الإدارة الجديدة، هي تولي بريت ماكغورك منصب مستشار الأمن القومي لشؤون شمال إفريقيا والشرق الأوسط، ويعرف ماكغورك الذي عمل منسقاً للتحالف الدولي ضد «داعش»، بعدائه للسياسة التركية خلال عمله في حقبتي باراك أوباما ودونالد ترمب، بل إن لهذا الرجل موقفاً واضح العداء من تركيا، إذ استقال بعد إعلان انسحاب القوات الأمريكية من سورية نهاية 2019، واتهم إدارة ترمب بالسماح لتركيا باجتياح شمال شرقي سورية. مع تولي بايدن زمام الحكم، بدأ بالحديث عن ترميم العلاقات الدولية والتعاون مع الدول الأوروبية، إلا أنه لم يصرح بسياسة واضحة حيال الشرق الأوسط وعلى وجه التحديد تركيا، في المقابل التقطت أنقرة توجهات بايدن السياسية، وبدأت بالحديث عن علاقات أوروبية تركية جيدة، والعودة إلى الحوار حول قضايا الغاز في شرق المتوسط، إلا أن المشكلة الكبرى في العلاقات التركية الأمريكية تتركز في عنوانين رئيسيين؛ الأول صفقة صواريخ s400 الروسية ما اعتبرته أمريكا أنها تهديد لطائرات إف – 35 الأمريكية. أما النقطة الثانية فهي الدعم الأمريكي لقوات سورية الديموقراطية، التي تعتبرها أنقرة جزءاً من حزب العمال الكردستاني «المصنف أمريكياً منظمة إرهابية»، وبوجود ماكغورك يتوقع أن يزيد الدعم والحماية إذ يعتبر المؤسس الأمريكي لهذه القوات، وهنا من المرجح أن تدخل العلاقات الأمريكية التركية في نفق مظلم مع تناقض المصالح في الشرق الأوسط، إلا أن مراقبين يرون أن أولويات بايدن الداخلية قد تؤجل الخلافات التركية الأمريكية على الأقل لمدة عامين آخرين، بينما يتنفس بايدن الصعداء من جائجة كورونا التي غيرت جوهر السياسة الأمريكية.