من يطالع الأرقام القياسية المذهلة للعائد القومي في عدد من دول العالم من تسويقها لمواد الترفيه التمثيلية والغنائية المنتجة فيها لا بد أن يخطر له التساؤل: وماذا عن مواد الترفيه العربية؟ بخاصة وأن العرب هم أحد أكبر أسواق مواد الترفيه الخاصة بالثقافات الأجنبية وبخاصة الأمريكية والهندية والتركية والكورية، ومن شدة شغف العرب بمواد الترفيه الخاصة بتلك البلدان تعلموا لغاتها مع أن لغات كالهندية والكورية والتركية لا استعمال عملياً لها في حياة من يتعلمها من العرب فتعلمها هو فقط بدافع الشغف بمواد الترفيه الخاصة بها التي جعلت العرب يحبون تلك البلدان مما دفعهم للرغبة في زيارتها للسياحة وأيضاً عندما يكبر المعجبون الشباب يتابعون شغفهم بها عبر بناء تعاملات تجارية واستثمارية معها، لكن بالمقابل الأعمال الفنية أو بتعبير أدق الترفيهية العربية لا سوق لها خارج العالم العربي، بل إن سوقها حتى داخل العالم العربي هو أضعف من سوق المواد الفنية والترفيهية للثقافات الأجنبية وبخاصة لجهة الشعور بشغف الحب لها ولنجومها، والسبب يمكن معرفته حتى بمعيار ظاهري واضح مثل كون غالب النجوم العرب يفتقرون للوسامة الشكلية بالكامل بل وكثير منهم سبب نجوميته هو شدة قبح شكله أو بدانته لأنها توظف بخاصة في الكوميديا المبتذلة القائمة ليس على حس الذكاء الفكاهي إنما فقط على السخرية والاستهزاء بشدة قبح وبدانة الممثل، وهذه ظاهرة لا مثيل لها بالمواد الفنية والترفيهية الرائجة للثقافات الأخرى حيث جميع نجوم أدوار البطولة يتسمون بالوسامة الاستثنائية بسبب طبيعة قصص الأفلام والمسلسلات في تلك الثقافات التي يغلب عليها طابع الشخصيات الجذابة اجتماعياً، بينما غالب أدوار البطولة في مواد الترفيه العربية تتطلب أن يكون للبطل شكل مناسب لشخصية البلطجي الهمجي أو العنيف أسرياً أو الذي يتخذ كأداة للسخرية والاستهزاء، ولهذا مشاهدة مواد الترفيه العربية أشبه بمطالعة صفحة الحوادث والجرائم وصحف ومواقع الإثارة الصفراء المبتذلة وأخبارها عن الانحرافات والفضائح اللاأخلاقية الصادمة، مع افتقارها بالكامل للعناصر الثلاثة التي تجعل مواد الترفيه جذابة؛ الخيال الخلاق، جمال المضمون والتعبير، ومحتوى يمثل خصوصية الهوية الثقافية المميزة التي تثير فضول الآخرين لإرادة التعرف عليها، ولا يمكن التحجج بضعف التمويل أو الإمكانيات التقنية لأنه حتى عندما لا يتوفر تمويل محلي في مراكز صناعة مواد الترفيه العربية وتحديداً بمصر وسوريا فالتمويل الخليجي يوفر البديل وتمت الاستعانة بخبراء غربيين للمؤثرات والإنتاج التقني. لكنها تبقى مفتقرة لكل عناصر الجاذبية سواء للجمهور المحلي أو العالمي. كاتبة سعودية [email protected]