يروى أن أحد مواطني ما يسمى "العالم الثالث" تأثر جداً عندما علم ان بعض الدول تضم الى جانب الوزارات التقليدية وزارة للترفيه. قد يعطى لهذا التأثير تفسيرات كثيرة غير انه ليس إلا حالاً طبيعية جداً عند مواطن لم يعتد أن تشمل مهمات الدولة وانشغالات الحكومة أي شق ترفيهي متعلق بتوعية العيش. ويبدو ان عدم الاهتمام بالشق المذكور طاول حتى المواقع العربية على شبكة الانترنت. فمواقع الترفيه تفتقر بمعظمها الى المستوى المطلوب الى حد أن الزائر يكاد أحياناً يسأل نفسه ما تراه يفعل أمام شاشة الكومبيوتر متناسياً انه في باب الترفيه. للأسف يظهر ان الترفيه مرادف عند البعض للغباء، ذلك ان عدداً من المواقع المفترض ان تكون ترفيهية ليست سوى مجموعة من التفاهات التي لا تسلي ولا حتى تُضجر، بخاصة عندما يتعلق الأمر بنوادر تتناول المرأة أو بالأحرى تتعرض للمرأة. على سبيل المثال لا الحصر الموقع: www.almazoohi.net. ان يتدارك مؤسس الموقع رد الفعل المتوقعة وأن يعتذر من النساء لا يفيد بعد أن جعل هذا الأخير الجنس النسائي بأجمعه موضعاً للسخرية فقط من أجل ضحكة مبتذلة. وهذه الصورة كثيراً ما تتكرر في عدد كبير من المواقع التي من أجل الترفيه تقدم نوادر مرفقة أحياناً برسم كاريكاتوري تتناول بمعظمها الأغبياء والحياة الزوجية. فبمجرد الدخول الى باب الترفيه في قائمة موقع www.aldalil.com تندرج لائحة طويلة من مواقع الترفيه. والمميز في تلك اللائحة انها تتضمن في باب الهوايات ثمة عناوين من مختلف أنحاء الدول العربية لنواد وأماكن يمكن فيها ممارسة أنواع الهوايات كافة، اضافة الى باقة من ألعاب الكومبيوتر. ذلك ان المواقع الترفيهية العربية ليست كلها سيئة. فموقع www.nokat.cc على سبيل المثال، يُعتبر من المواقع الجيدة. وهو يتضمن ثلاثة أبواب رئيسة، إضافة الى القائمة العامة، وهي خدع البصر وصور مسلية وكراكتيرات. والمقنع في هذا الموقع هو انه يُظهر جدية وجهداً في اطار البحث عن التجديد والابتكار. ولا يخلو الموقع من أبواب طريفة أخرى كالأغاني الفكاهية والنكت الصوتية واللقطات المسلية والمضحكة و"مع المشاهير" المؤلف من مجموعة من التعليقات الخفيفة والسلسة عن أقوال لفنانين مشهورين. كما ان لأحداث 11 أيلول سبتمبر حصة ضمن باب "التفجيرات الأخيرة" الذي لم يرحم الرئيس بوش من اللسعة الهازئة. كما أن الألعاب بمختلف المستويات والمراحل متوافرة أيضاً. فتنوع هذا المركز هو أبرز ما يجعل منه واحداً من أفضل المواقع الترفيهية العربية والتي تُشبه مستوى المواقع المرحة الأجنبية. أما أحد المظاهر الأخرى البارزة للمواقع المذكورة فهي أنها تسمح للزوار بقدر كبير من المشاركة إن كان على صعيد التعليقات والتصويت أم أيضاً من خلال ارسال الأعمال الخاصة من أجل نشرها. فاللافت هو ان عدداً كبيراً من المواقع هي مواقع شخصية تتضمن أفكاراً ترفيهية لهواة، ما يجعلها أحياناً فقيرة أو حتى سخيفة. إلا ان هناك أيضاً من بين المواقع موقع www.ayna.com الذي يقدم في قسم الترفيه، مجموعة من الألعاب كألعاب التركيب أو الصبر أو حتى لعب الورق أو الحركة مع نافذة للأبراج وأخرى للكاريكاتور. أما ما يقترحه موقع www.arabic.arabia.msn.com في باب الترفيه، فهو اضافة الى "نكتة اليوم" - التي أترك للقراء مهمات تقويمها - "كلام الناس" الذي يتضمن أخباراً فنية وكذلك باقة من الألعاب التي تنقسم الى أصناف هي ألعاب الحظ والحركة والاستراتيجية والمرح والأطفال والمحاكاة والرياضة. إلا ان هذه الألعاب متوافرة في اللغة الانكليزية. فن الترفيه من أصعب الفنون لأنه يتطلب مهارات ابداعية متميزة وأفكاراً متنوعة وجديدة وهو لم يعد في أيامنا هذه مجرد طريقة لتمضية الوقت، بل بات من أهم الوسائل لاكتساب الثقافة وتوسيع قدرة الإدراك تيمناً بالمثل الفرنسي القائل "الجمع بين المفيد والممتع". فما الذي يمنع ان تأتي المواقع العربية على المستوى المطلوب واللائق بالإبداع العربي؟ وما الذي يضطرنا لنكون متخلفين حتى على الصعيد الترفيهي؟