الهند وهي من أكبر دول العالم في التعداد السكاني اعتبرت أن رأس مالها الأهم هو الثروة البشرية فعملت على تأهيلها أكاديميا بشكل نوعي جعل الكفاءات الهندية التقنية تصبح الثقل الأهم في صناعة البرمجيات والاتصالات والوظائف التكنولوجية المتخصصة، سواء في مستويات العمل التنفيذي أو الادارة العليا، فمديرو الشركات العالمية التالية هم هنود؛ «مايكروسوفت»، «قوقل»، «نوكيا»، «أدوبي»، «ماستركارد» وغيرها، ويدفع لهم ما يدفع للأمريكيين وليس أقل ويتلقون عروضا منافسة من كبريات الشركات التي تتنافس على توظيفهم، وغالبا استقطبتهم الشركات مباشرة من الهند وليسوا أبناء مهاجرين من الجيل الثاني والثالث، وهم يشكلون نسبة كبيرة من العاملين في القطاع الطبي والبحثي والعمالة الماهرة بالعموم في أمريكا، كما أن بعض الشركات الأمريكية الدوائية نقلت مختبراتها إلى الهند، لكن الإجراءات الأمريكية الجديدة لإحلال الأمريكيين محل الأجانب تعني أن كل تلك العقول عالية التأهيل القادمة من القارة الهندية باتت بحكم المفصولة، وهو أمر يحاول الاقتصاديون ورجال الأعمال إقناع الإدارة الأمريكية بضرورة أن قراراته تلك لن تكون إيجابية لصالح الأمريكيين في ظل الاقتصاد العالمي الحر، حيث يمكن للشركات الأمريكية ببساطة نقل فروعها من داخل أمريكا إلى خارجها ليمكنها توظيف العمالة الأجنبية عالية التأهيل بحرية، وهذا سيتسبب في زيادة بطالة الأمريكيين، وحاليا انتشرت أخبار بأن الشركات الأمريكية تبحث إنشاء فروع مؤقتة لها في جارة بلدهم المكسيك ليمكنهم متابعة استقطاب وتوظيف العقول الأجنبية وبخاصة الهندية، لكن ربما «مصائب قوم عند قوم فوائد» فهذة فرصة كبرى لمن يود تأسيس قاعدة للإنتاج التكنولوجي البرمجي والمعلوماتي ليقوم باستقطاب ثروة العقول الهندية عالية التأهيل في المجالات التي لا تغطيها أعداد المواطنين المؤهلين، وجدير بالذكر أن الهنود هم من أكثر الفئات في أمريكا تعرضا للهجمات العنصرية منذ صعود نجم التيار الديماغوجي «الذي يشجع التعصب ويحرض ضد الأجانب ويزعم أنهم سبب كل سوء» والذي أقنعهم أن سبب تدهور البنية الاقتصادية لبلدهم وبطالتهم يكمن بالأجانب، وهذا غير صحيح بل سببه الثقافة المالية السلبية التي سادت أمريكا منذ عقدين والتي تسعى لتحقيق الأرباح عبر التلاعب بالمعاملات البنكية ومضاربات أسواق المال وليس بإنتاج منتجات حقيقية بالإضافة لارتفاع تكاليف التعليم الجامعي ونقل المصانع إلى دول اليد العاملة الرخيصة التي بلا حقوق، والهنود السيخ يضعون عمامة ويطلقون لحاهم، ولهذا كل الذين قتلوا حتى الآن بهجمات عنصرية في أمريكا منذ انتخاب ترمب كانوا من السيخ لأنهم حسبوهم مسلمين. [email protected]