يبدو أن القوى الفاعلة والمؤثرة الدولية المعنية بالملف الليبي؛ أدركت أخيراً خطورة الموقف على الأرض الليبية وضرورة تراجع القوة السياسية عن المواجهة العسكرية التي ستشغل المنطقة وليس ليبيا فقط؛ كون تواصل الاحتراب واستمرار التدخلات الخارجية وتدفق المرتزقة سيؤدي إلى تمزيق ليبيا ونهب ثرواتها واختطافها وإحراق شمال أفريقيا. لقد جاء اتفاق وقف إطلاق النار بين عقيلة صالح وحكومة السراج في منعطف تاريخي تمر به الأزمة؛ كنقطة تحول في مسار الأزمة الليبية. وهو ما أكدت عليه وزارة الخارجية السعودية في معرض تعليقها على وقف إطلاق النار على ضرورة البدء في حوار سياسي داخلي يضع المصلحة الوطنية الليبية فوق كل الاعتبارات، ويمنع التدخل الخارجي الذي يعرض الأمن الإقليمي العربي. ولضمان صمود هذا الاتفاق فمن الضروري ترحيل القوات الأجنبية والمرتزقة الموجودة على الأراضي الليبية والدفع بالحل السياسي لتسوية الأزمة وذلك في إطار حوار ليبي - ليبي ووفقاً للاتفاق السياسي الليبي بما يضمن الحفاظ على وحدة وسيادة الدولة الليبية وسلامة أراضيها. مصادر قريبة من الملف الليبي، قالت ل«عكاظ»، إن عدة شخصيات رفيعة من دول عربية ودولية لعبت أدواراً فعالة بصمت للوصول إلى اتفاق وقف النار من أبرزهم «مدير إدارة المخابرات الحربية في مصر اللواء خالد مجاور» الذي التقى مؤخراً قائد الجيش الوطني الليبي خليفة حفتر، ونجح في إقناع شيوخ قبائل الزاوية، التي يقع في نطاقها الحقول والموانئ، برفع الحظر عن تصدير النفط إلى أطراف أوروبية وصلتها معلومات استخباراتية بأن الحرب أصبحت وشيكة، بين الأطراف الإقليمية المتداخلة في الملف الليبي خصوصاً بعد الإعلان القطري التركي وحكومة السراج عن إنشاء قاعدة عسكرية في مصراتة، وهو الإجراء الذي قد يؤدي لحرب إقليمية. وأشارت المصادر إلى أنه من المهم في هذه المرحلة تعزيز إجراءات بناء الثقة بين الأطراف المعنية وإيجاد التوافق كخطوة أساسية للدفع بالحل السياسي، فضلاً عن دعم مسار بناء وتوحيد المؤسسات الوطنية لاستعادة زمام الأمور وتثبيت دعائم الأمن والاستقرار وعلى نحو يسهم بشكل مباشر في تهيئة المناخ السياسي والأمني في ليبيا. لقد آن أوان سكوت المدافع والجلوس على طاولة الحوار وتثبيت وقف إطلاق النار والعمليات القتالية وضمان جعل منطقتي سرت والجفرة منزوعتي السلاح، إضافة إلى إعادة تصدير النفط وضرورة إعادة الثقة بين الجانبين والتى أصبحت شبه منعدمة جراء الأحداث الأخيرة. وأكدت المصادر على ضرورة أن يتعامل السراج مع وقف إطلاق النار بحكمة والحيلولة دون استمرار التدخل التركي السافر في ليبيا والحد من التدخلات الخارجية ووقف الاقتتال وحقن الدماء فهو خطوة جيدة للمضي مع توخي الحذر حتى لا يتم الالتفاف أو المراوغة من قبل الأطراف الساعية دائما للتخريب وتأجيج الخلاف بين الليبيين، فضلاً عن انخراط الأطراف في حوار ليبي - ليبي يستهدف إنهاء الأزمة ووقف التدهور وإعادة الأمن والاستقرار وضمان سيادة ليبيا على أراضيها باعتبار أنه لا يوجد حل عسكري للأزمة الليبية. وعلى الدول الغربية المؤثرة ضمان وقف إطلاق النار واستصدار قرار أممي لتثبيته ومنع تدفق المقاتلين إلى أراضيها.