في الشارع الرياضي السعودي تقف دوماً عند مفارقات غريبة وأحياناً عجيبة، تتفكر فيها كثيراً فلا تجد لها تفسيراً. من تلك المفارقات ما يدور حول إنشاء ملاعب كرة قدم جديدة وحاجة الأندية لها.. السعودية تحتضن بين جنباتها أكثر من 50 ملعباً كروياً قادراً على احتضان أية مباراة وفي كل المسابقات الكروية والشواهد كثيرة، هذا بخلاف ملاعب الأندية التي تمتلكها في مقراتها، ومع كل هذا أصبحنا نسمع مؤخراً عن أندية تدعي حاجتها لإنشاء ملاعب جديدة متظاهرةً بحاجتها لتلك الملاعب أو متنكرة لقيمة الملاعب الموجودة. توقفت متدبراً في هذا.. فلم أجد له تفسيراً سوى أنه نوع فاخر من أنواع «الهياط» الذي يجيده مسؤولو الأندية ورؤساؤها على مر التاريخ. في ظل تعالي تلك الأصوات نتمعن قليلاً في حال تلك الأندية ونتساءل.. هل تملك تلك القاعدة الجماهيرية التي تؤثر في دعمها لإنشاء ملاعب كروية خاصة بها، من خلال حضورها لتلك الملاعب، أو هل تملك الأندية قيمة فعلية لعلاماتها التجارية تمكنها من استثمار تلك الملاعب كحقوق التسمية والمقاعد الفاخرة والخدمات الخاصة والمطاعم التي نشاهدها في كل ملاعب العالم لتكون سبباً حقيقياً للاستثمار بإنشائها. والسؤال الأهم هل تلك الأندية لديها مداخيل ثابتة ورعاة ومستثمرون يشكلون جزءاً من إيراداتها.. وإن وجدت ما هو حجم تلك الإيرادات..؟ في الرياضة السعودية هناك حقيقة مغيبة عن الواقع الكروي، وهي ما قيمة الأندية دون الدعم الحكومي، وهل يتجرأ رئيس أحد تلك الأندية بالحديث عن مثل هذه الترفيات والظهور بمثل هذه الأحاديث دون ما تجده الأندية من دعم ملياري حكومي.. على مسؤولي الأندية أن يقدموا إستراتيجيات واضحة لصناعة الولاء وزيادة الشعبية وجذب الجماهير للحضور للملاعب فهي تحتاج لجماهير تملأها وتستفيد منها بشكل متكامل. وعلى سبيل المثال لا الحصر ما قامت به إدارة نادي الوحدة في بداية هذا الموسم بالوقوف على ملعب جامعة أم القرى لنقل مباريات فريقها الكروي الأول عليه، فهل ذلك تنكر للقيمة العالية لملعب مدينة الملك عبدالعزيز الرياضية الذي احتضن كثيراً من المحافل الدولية والإقليمية، أم عائد ل(موضة) ملاعب الجامعات التي بدأت الأندية تبحث عنها فجأة، أم هو استخفاف بالمغزى الحقيقي للدعم المالي من قبل الدولة للأندية الذي تستحقه من خلال نسب الحضور الجماهيري وتقدمه وزارة الرياضة لزيادة أعداد الجماهير وليس العكس. لا يفوتني أن أذكر أيضاً بأن الحضور الجماهيري لنادي النصر في أول مباراة له في الدوري هذا الموسم أمام ضمك وهي أول مباراة له على أرضه وبعد تتويجه بالدوري الاستثنائي في العام الماضي لم يتجاوز عشرة آلاف مشجع في استاد الملك فهد الدولي الذي يتسع لأكثر من 60 ألف مشجع..! أخيراً: أتمنى أن تتخذ وزارة الرياضة قراراً عاجلاً بتأجير الملاعب والمنشآت الرياضية على الأندية، ليكون هذا القرار سبباً في معرفة الأندية لقيمة تلك المنشآت.