تحولت دعوة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي «إعلان الحياد» إلى مطلب لبناني في ظل الأزمة الأسوأ والأخطر في تاريخ البلاد، خصوصا أنها ليست اقتصادية مالية كما تحاول السلطة ومرشدها «حزب الله» الإيحاء بذلك، بل هي أزمة وجودية. هذه الأزمة دفعت بالراعي إلى دق ناقوس الخطر قبل أسبوعين، داعيا إلى فك الحصار عن الشرعية والقرار الوطني الحر، وطلب نجدة الأممالمتحدة والدول الصديقة، وتطبيق القرارات الدولية وإعادة تثبيت وحدة لبنان واستقلاله، مشددا على حياد لبنان، وسرعان ما جرى التفاعل معها بشكل لافت وصارت عنوان المرحلة الراهنة. الراعي أعاد اليوم (الثلاثاء)، تجديد موقفه، مؤكدا أمام الصحفيين في الديمان أن الحياد مطلب دولي وأوروبي وعربي، مطالبا بالتزام السلامة والعدالة وحقوق الإنسان، لافتا إلى أن هذه الأرض لم تعرف سوى مد الجسور مع الآخرين ولا يمكننا معاداة جميع الشعوب، فلنعد لطبيعتنا. وقال: «لقد كان لبنان منفتحا على كل الدول شرقا وغربا ما عدا إسرائيل التي احتلت أرضنا، اليوم بات لبنان منعزلا عن كل العالم، لكن هذه ليست هويتنا، هويتنا الحياد الإيجابي والبناء لا المحارب». فيما تواصل التفاعل مع الراعي، وكان لافتاً هذه المرة المواقف التي أطلقت من دار الفتوى، إذ اعتبر رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة كلام الراعي مناسبة لإطلاق حوار وطني جامع يحافظ على لبنان. وقال: «تشاورنا مع المفتي عبداللطيف دريان في النقاط الرئيسية ال3 في مبادرة البطريرك». ورأى النائب نهاد المشنوق أن القواعد ال3 يجب أن تكون أساس حوار وطني جامع. ولفت إلى أن هناك أزمة سياسية قائمة على مستوى العلاقات الخارجية، ولهذا السبب يجب بدء الإصلاح من السياسة، وإيجاد قواسم مشتركة بين كل القوى تفتح الباب نحو إعطاء علامة إيجابية للمسؤولين الأجانب. أما الموقف المنتظر فهو من قبل «حزب الله» وكيف سيقابل طرح الحياد، الذي صار مطلبا لبنانيا ودوليا، وكيف سيوظفه أمام بيئته وخصومه؟ هل سيضعه في سياق المؤامرة الأمريكية لمحاصرته أو لوضعه في مواجهة الأطراف الداعمة لحياد لبنان؟ هل سيبادر إلى الرد والتصدي أو إلى التحايل والاحتواء من خلال حلفائه المسيحيين الذين يلتزمون الصمت؟