تقدم مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكةالمكرمة الأمير خالد الفيصل، ونائبه الأمير بدر بن سلطان بن عبدالعزيز، بالعزاء لذوي الكاتب والمؤرخ الدكتور عاصم حمدان، الذي توفي صباح أمس الأول (السبت)، وووري جثمانه الثرى أمس في المدينةالمنورة، تنفيذا لوصيته قبل وفاته. من جانبه، استحضر نائب رئيس مجلس الشورى الدكتور عبدالله المعطاني ذكرياته مع الراحل منذ أن كانا طالبين إلى أن أصبحا أستاذين في قسم اللغة العربية بجامعة الملك عبدالعزيز، مقترحا أن يسمى شارع من شوارع المدينةالمنورة باسم الراحل. وقال المعطاني ل«عكاظ»: «عرفت الزميل المرحوم الدكتور عاصم ونحن طلاب في كلية الشريعة بمكةالمكرمة قسم اللغة العربية. وكان طالباً مميزاً في علمه وفي خلقه وفي ثقافته. ثم امتدت زمالتنا إلى بريطانيا حيث كنا نحضر لدرجة الدكتوراه ونلتقي في بعض المناشط الطلابية وفي كل لقاء نحظى بخلقه وعلمه وثقافته وأدبه. ثم عدنا أساتذة في قسم اللغة العربية بجامعة الملك عبدالعزيز مع كوكبة من الأساتذة الأفاضل، وكان الدكتور عاصم يحظى بحب كبير من الطلاب لأنه يعاملهم معاملة الأب الحنون ويسأل عن أحوالهم الشخصية ويحنو عليهم ويقربهم إليه فكانوا يحبونه وكان قريباً إلى نفوسهم». وأضاف نائب رئيس مجلس الشورى: «الدكتور عاصم رحمه الله عالم متعمق في تاريخ المدينةالمنورة وأدبها وتاريخ أماكنها، تلك المدينة التي أحبها وأحبته حتى أنها ضمت جسده الطاهر بإذن الله». واستطرد المعطاني قائلا: «يحمل الدكتور عاصم أسلوباً أدبياً مميزاً في وصف الأماكن، تكتنفه الصياغة الفنية الرائعة ذات الشجن الإنساني الجميل وهي قدرة إبداعية قلما تجدها في هذا العصر وتبدو تأثيرات المنفلوطي والرافعي وجماعة أبولو وكتّاب المهجر واضحة جلية في أسلوب الدكتور عاصم رحمه الله. لقد أدى أمانة التعليم بكل صدق وأخلص للمدينة مسقط رأسه وللوطن وطلاب العلم». وخلص المعطاني إلى القول: «رحم الله أبا أحمد وجعله من عتقاء هذا الشهر الكريم. وأقترح أن يسمى شارع من شوارع المدينةالمنورة باسم الدكتور عاصم حمدان وفاءً وعرفاناً لما قدمه لهذه المدينة الطيبة». من جهة أخرى، وجَّه رئيس جامعة الملك عبدالعزيز الدكتور عبدالرحمن اليوبي، بإعادة طباعة مؤلفات الدكتور عاصم حمدان، وجمعها في موسوعة كاملة تسهيلاً للاستفادة منها، وتوزيعها على المراكز البحثية والثقافية والمكتبات العامة. كذلك طلب الدكتور اليوبي من قسم اللغة العربية ومركز التميز البحثي ومركز النشر العلمي الإشراف على الموسوعة. سيرة حافلة بالبحث والنجاح عاصم حمدان علي الغامدي، تعود أسرته إلى منطقة الباحة قبيلة بني ظبيان. ولد في جدة عام 1373ه (1953)، تلقى تعليمه العام في المدينةالمنورة. حاصل على درجة البكالوريوس في اللغة العربية وآدابها «بمرتبة الشرف الأولى» من جامعة أم القرى في مكةالمكرمة عام 1396ه. حاصل على درجة الدكتوراه في الفلسفة من جامعة «مانشستر» عام 1406ه، وكان عنوان رسالته: (أدب المدينةالمنورة في القرن الثاني عشر الهجري: دراسة نقدية اعتماداً على المصادر المعاصرة). كاتب وناقد ومؤرخ وأكاديمي ويعد أبرز من كتب عن تاريخ المدينةالمنورة في هذا العصر، كاتب في الصحف والمجلات منها «عكاظ» وجريدة المدينة. ونشر في زاوية (ذكريات من الصُّفَّة) في المجلة العربية. وصدر له عدد كبير من المؤلفات منها (قديم الأدب وحديثه في بيئة المدينةالمنورة) و(حارة الأغوات: صورة أدبية للمدينة المنورة في القرن الرابع عشر الهجري) و(رحلة الشوق في دروب العنبرية)، و(ذكريات من الحصوة) و(هتاف من باب السلام) و(التآمر الصهيوني الصليبي على الإسلام) و(المدينةالمنورة بين الأدب والتاريخ)، وحقق كتاب (الأخبار الغريبة فيما وقع بطيبة الحبيبة) وكتاب (حارة المناخة: صورة أدبية للمدينة المنورة في القرن الرابع عشر الهجري) و(أشجان الشامية: صورة أدبية لمكةالمكرمة في العصر الحديث) و(دراسات مقارنة بن الأدبين العربي والغربي) و(الأدب العربي في مدونات المستعربين) و(صفحات من تاريخ الإبداع الأدبي بالمدينةالمنورة)، و(قراءة نقدية في بيان حمزة شحاتة الشعري) وصدرت له الأعمال الكاملة عن إثنينية عبدالمقصود خوجة. توفي ظهر السبت 16 مايو 2020. جثمان الراحل يوارى الثرى في بقيع الغرقد شهد أمس (الأحد) تشييع ودفن جثمان الأديب والكاتب والمؤرخ ابن طيبة الطيبة الدكتور عاصم حمدان الغامدي، إذ ووري الثرى في بقيع الغرقد بعد الصلاة عليه ظهراً في المسجد النبوي الشريف. واقتصر دفن الفقيد على إخوانه غازي حمدان، الدكتور زهير حمدان، الدكتور عبدالمعين حمدان، وعادل حمدان وعدد من أقارب الفقيد. وبحسب التوجيهات الخاصة بجائحة كورونا قرر إخوانه أن يكون العزاء عن بُعد. ونعى الفقيد عدد من محبيه وطلابه، وذكروا كثيراً من مناقبه وسيرته الذاتية وأياديه البيضاء في الأعمال الخيرية. وقال المهندس يوسف الميمني عضو مجلس الشوري السابق، إن الوطن فقد أحد أبنائه المخلصين، لافتاً إلى أن عاصم حمدان يمثل أنموذجاً في العطاء والمحبة لطيبة الطيبة وتوثيق الحياة التاريخية والاجتماعية لها.