كتبت هنا في 23 مارس مقالا بعنوان: «من يصدق هذه السعودية» مشيدا بفكرة تحول بلادنا إلى العالم الافتراضي، بسبب جائحة فايروس كورونا المستجد. وقلت: «أكتب والسعودية تجاوزت الأسبوع الأول من العزل، وقد قررت المحافظة على التفاؤل، والتأمل». مضيفا أن: «السعودية، ومنذ ما يزيد على أسبوع، تعيش في العالم الافتراضي، وأداؤها رائع. التعليم يتم عبر الإنترنت. البنوك تعمل عبر التطبيقات، وكذلك النظام العدلي، نعم المؤسسات القضائية، وكذلك وزارة الداخلية، وكافة مؤسسات الدولة الحكومية». وتساءلت حينها من كان سيصدق «بأن السعودية تستطيع أن تعيش، كأجهزة دولة رسمية، أو قطاع خاص، عبر الإنترنت، أو التطبيقات». واليوم أكتب، وبلادنا تخرج من العزل الكامل إلى الجزئي، وبعد أكثر من شهر، لأقول إنه آن أوان التقييم الآن، وليس غدا. نحن الآن بأمس الحاجة إلى لجنة تقويم التجربة، لترصد كيف كان أداء جميع المؤسسات المعنية وقت العزل. نحتاج تقييما شاملا لأداء الخدمات، توصيل الطلبات إلى المنازل، أو حركة نقل البضائع والسلع، وهذا مجال يستحق المراجعة اقتصاديا، وأمنيا، ولوجستيا. عن نفسي جربت إصدار وثيقة رسمية عبر تطبيق نظام أبشر، وزارة الداخلية، والسداد للبنك، بنصف ساعة، ثم الاستلام عبر البريد السعودي في غضون يومين، بينما انتظرت شهرا كاملا لاستلام شحنة قهوة، وقصص غيري كثيرة، وأكثر أهمية! فلماذا، مثلا، لا يتوسع عمل البريد السعودي تجاريا؟ نحتاج تقييم أداء التعليم عن بعد، والنظر عاجلا بواقع العمالة، السكن والأمن، وإجراءات السلامة، وهل نحتاج فعلا إلى هذه الأعداد من العمالة، وما هي القطاعات التي يجب أن توطن، وليس بقرارات فقط، وإنما بإطلاق مشروع محفز لعمل الشباب، وبكافة المجالات، وبين مرحلتي الثانوي والجامعة، واحتساب ذلك أكاديميا، مع مقابل مادي، لنشر ثقافة العمل. نحتاج إلى تقييم فوري لواقع المؤسسات الصغيرة، والضرر الذي وقع عليها. وكذلك إعادة النظر بمفهوم الأمن الغذائي، ومن كافة النواحي. وآليات اتخاذ القرار وقت الأوبئة، والكوارث، والأزمات. ونحتاج إلى تقييم الأداء الصحي، الواقع، والمأمول، سواء القطاع العام، أو الخاص. وكذلك تقييم أداء الإعلام، وخصوصا الخاص، لماذا أثار الهلع، ومارس الإرجاف، منشغلا بالأرقام، وفي أزمة أولى خطوات الحماية فيها تكمن ببث الوعي، ورفع المناعة؟ وربما يكون التقييم هذا مدعاة لإعادة روح التنافس بإعلامنا الذي معركته هي معركة كسب القلوب والعقول. الآن وقت التقييم، ليس لأننا فشلنا، بل تعميق لتجربتنا، ولا أبالغ إذا قلت، ومن باب رب ضارة نافعة، إن هذه الجائحة كانت بمثابة التمرين الحقيقي لتنفيذ رؤية 2030، حيث أظهرت الأزمة مقدرتنا على تنفيذها، وتجلى ذلك بانضباط السعوديين، وبشكل يثير الفخر، والاعتزاز، وبمقدار اعتزازنا بقرارات الملك، وولي العهد. * كاتب سعودي [email protected]