المشهد العالمي الآن في أزمة وصراع، فبعد مرور أشهر أو أسابيع على جائحة «كوفيد 19» تخطينا معها مرحلة التثقيف الصحي للطفل وأيضاً الأسئلة المتتابعة التي تشغل تفكيرهم بما يلائم إدراكهم العقلي، بقي السؤال المهم: كيف نشغل أوقاتهم بشيء ثري وغني إلى حد ما؟ فالانغماس في الحديث عن كورونا يُعد أمراً غير جيد للطفل، وغاية التربية تتطلب أن ننقل محور التركيز عند الطفل في مواطن الأزمة غير الجيدة إلى ما هو مبهج وأكثر سعادة «لأن الأطفال يحتاجون بشكل مضاعف للثقة في المستقبل». فالكتاب والأدب بلا منازع هما أنبل وأجل الرفقاء بفترة العزلة، سواء للشخص البالغ أو الطفل، لذلك هناك حراك أدبي عالمي مع «كوفيد 19»، فعلى سبيل المثال لا الحصر أطلقت وزارة الثقافة السعودية منصة «أدب العزلة»، وفي الشارقة أعلنت هيئة الشارقة للكتاب فتح مكتبتها الإلكترونية مجاناً، وفي فرنسا أطلقت عشرات المواقع لتؤمن الثقافة في البيت بمساعدة من المكتبات والمتاحف، وفي لبنان قدمت دور النشر أشهر الكتب لديها في فترة العزلة.. بكل قوة يصمد الكتاب في المواجهة. ماذا عن الطفل؟ وأدب الطفل؟ أفضل وجبة شهية نقدمها لعقل الطفل هي الأدب القصصي «قصة، حدوتة، حكاية، رواية» الأدوار فيها تتناوب؛ يقوم الطفل أحياناً بدور المتلقي، وأحياناً بدور الراوي. أما لو تحدثنا عن مواصفات الأدب الجيد المقدم للطفل؛ فقد أوضحها مايلز ماكدويل في كتابه «أدب الأطفال» بأن هناك مقومات للنص المبدع المقدم للطفل، تكمن في: • التفاصيل النشيطة. • تميل الأحداث رغم تحدياتها إلى التفاؤل. • لديها بناء أخلاقي واضح. • دقة ترتيب الأحداث (الحبكة). • ليست هناك احتمالات مدرجة (الاحتمالات مستبعدة للحقائق العلمية). • الأهم فيها أن يتم السرد من خلال (الخيال، البساطة، المغامرة اللا متناهية). كما أن الأدب الموجه للطفل أدب له موازين خاصة؛ يجب أن نفرق بين البساطة، وبين الكتابة البسيطة، والكتابة المفرطة بالتبسيط. أما دور الآباء والأمهات في اختيار القصة والحكم عليها، فما عليهم إلا أن يتوجهوا إلى الناقد الأول؛ هو الطفل نفسه. سؤال واحد يفصلنا عن القصة ومدى تأثيرها على الطفل، ومدى براعتها لاستثارة خياله عندما نقول له: هل أعجبتك القصة؟ وماذا أعجبك فيها؟ الأدب المقدم للطفل في ظل الأزمات قادر على صناعة عوالم متجددة، ففي لندن مع أزمة كورونا ازدادت مبيعات الكتب وتحديداً كتب الأطفال، من باب شغل أوقات الفراغ وسد الفجوة بشيء مفيد، تقول لنا ليندسي مالكة مكتبة «ليتل بوكس أوف بوكس» (صندوق كتب صغير) Little Box of Books التي تديرها هي وزوجها، إن المكتبة شهدت مبيعات في فترة جائحة كورونا، ويرجع ذلك إلى محاولة الأهالي شغل أوقات الأطفال بقراءة الكتب، لضمان نجاح الأطفال في فترة عزلتهم المنزلية. [email protected]