العالم كله يقف احتراماً للممارسين الصحيين لمقاومتهم جائحة «كورونا»، فالأزمات تظهر المعادن والمهن الأكثر أهمية، ولا شيء يعادل المحافظة على النفس، ويأتي في مقدمة هؤلاء العاملون في المهن الطبية والممرضون على وجه التحديد الذين يشكلون ما نسبته 59٪ في الصحة حسب تقرير المنظمة العالمية. تاريخياً ارتبط بروز التمريض ونشاطه بشكل أكبر خلال الأزمات كالحروب والأوبئة، ويذكر التاريخ «رفيدة الأنصارية» وغيرها من الصحابيات اللواتي امتهنّ تمريض مصابي الحروب والغزوات إبان العهد النبوي. ومن ذلك ظهور مهنة التمريض بشكلها المهني الحديث أثناء حرب «القرم» على يد «فلورانس ناتنجيل» المعروفة ب«سيدة المصباح»، إذ كانت تخرج حاملة المصباح لمداواة الجرحى وهي من بدأت تدريب الممرضات ولها نظريات في علم التمريض. وتنبهت الحكومة السعودية إلى ما يعنيه التمريض من أهمية في الحفاظ على صحة الإنسان، ففتحت معاهد التمريض منذ عام 1354ه، واعتبرت المملكة سعودة التمريض إستراتيجية وطنية منذ التسعينات الميلادية لما تشكله سعودة المهنة من اكتفاء ذاتي وأبعاد أمنية، ومع انتشار كورونا اهتم العالم بما يسمى ب«الجيش الأبيض» والتمريض بشكل خاص، وخُصص يوم عالمي، كما برز التمريض كأحد المكافحين في الصف الأول ضد كورونا وتحسنت الصورة النمطية عن ممارسي التمريض في مجتمعنا والمجتمعات العربية. وأوصت منظمة الصحة العالمية في تقرير صدر أخيرا بعنوان «حالة التمريض 2020» بزيادة عدد العاملين في مهنة التمريض الحالي بنحو 6 ملايين، مشيرة إلى أن عدد التمريض على مستوى العالم يبلغ حالياً 19 مليونا. كما أوصت ببناء القدرات القيادية والإشرافية والإدارية للنهوض بالأهداف المتعلقة بالتعليم والصحة وترشيد عائد الاستثمارات الحالية في مجال التمريض، من خلال اعتماد الخيارات اللازمة في مجالات التعليم والعمل اللائق والأجر المنصف والتوظيف والممارسة والإنتاجية والتنظيم واستبقاء العاملين وتسريع وتيرة الاستثمار الإضافي وتعزيزه في مجالات التعليم والمهارات والوظائف في مجال التمريض.