إن كان الغرب يفتخر بأول ممرضة في التاريخ (فلورانس نايتنجال)، فإن الحقيقة الساطعة هي أن الصحابيات كن أول من تولين مهنة التمريض فكانت (رفيدة بنت كعب الأسلمية) -رضي الله عنها- أول ممرضة في التاريخ وفي عهد الإسلام، حيث كانت تمرض المصابين والجرحى في الحروب التي يكون المسلمون طرفاً فيها. هناك عدد من الصحابيات برزت أسماؤهن في كتب السير والتراجم كأول جيل أسس لهذه المهنة الجليلة أيضاً، منهن أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما. كما برز اسم الربيع بنت معوذ رضي الله عنها التي تطوعت بسقاية الجيش، ومداواة الجرحى ورد القتلى إلى المدينة وأيضاً آمنة بنت جحش رضي الله عنها، التي تطوعت في معركة أحد فكانت تسقى العطشى وتداوي الجرحى، وأيضاً أسماء أم سنان الأسلمية رضي الله عنها. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقابل هذه الأعمال التطوعية التي كانت تقوم بها النساء بالشكر والثناء. فقال صلى الله عليه وسلم مثنيا على أم عمارة نسيبة بنت كعب يوم أحد (ما التفت يمينا ولا شمالا إلا وأنا أراها تقاتل دوني) وكان يسمي أم ورقة بنت عبدالله بن الحارث (بالشهيدة) لأنها استأذنته يوم بدر للخروج معه لمداواة الجرحى وتمريض المرضى لعل الله يرزقها الشهادة. بمثل ما يقدم الممرضون كامل طاقتهم في خدمة المهنة الانسانية فإن الممرضات لا تقل أدوارهن عن الرجل.. كوادر تمريض تحدثوا ل«عكاظ» على هامش الندوة الخليجية العاشرة للتمريض الأسبوع الماضي، حيث اتفقت ممرضات على صعوبة المهنة وأن معظم العاملات في هذا الحقل يعانين من (سلب الحقوق والمزايا) على حد قولهن. وذكرت الممرضات أن لديهن حقوقا عالقة لدى وزارة الصحة والخدمة المدنية منها تعديل مسميات خريجات البكالريوس من فنيين إلى أخصائيين وتؤهلهن هذه المزايا للحصول على بدل السكن مثل الأطباء. تهمة التقصير أحمد الشهري من صحة جدة، يتفق مع الرأي السابق ويقول هناك كثير من الكوادر التمريضية تحتاج إلى تصحيح أوضاع ومنحهم مزايا البدلات، حيث يعاني جميع خريجي التمريض من حملة درجة البكالوريوس من عدم تصحيح أوضاعهم مثل فنيين وأخصائيين.. ويتهم الشهري الخدمة المدنية بالتقصير في معالجة أوضاع الممرضين والممرضات وحرمانهم من المزايا والحقوق التي يتمتع بها الأطباء ويقول الممرض ناصر الحازمي إن بدل العدوى يدخل ضمن مطالبة الكثير من الزملاء والزميلات ولم يحصلوا على البدل رغم مطالبتهم أكثر من مرة حيث يندرج ذلك ضمن تعديل أوضاع موظفي التمريض على مستوى المملكة. وليد باروم يشرح المعاناة ويضيف أن معظم مشاكل فئة التمريض مادية، وتتعلق أغلبها في تصحيح أوضاعهم من الخدمة المدنية، ومطالب أخرى من وزارة الصحة، وكلها تحت مظلة تصحيح الأوضاع، وتمنى باروم بحث حلول ومخارج للمشكلة مؤكداً أن مهنة التمريض تحتاج إلى كوادر وطنية لشغلها. 70 ألف ممرض نائب وزير الصحة للتطوير والتخطيط الدكتور محمد خشيم، أبلغ أن وزارة الصحة لديها خطتها الجديدة لتدريب وتوظيف الكوادر السعودية في الطب والتمريض لشغل وظائف 100 مستشفى جديد، وتقوم الوزارة الآن بإنشاء أكبر وأضخم مركز تدريب صحي، كما أن لديها 70 ألف ممرض وممرضة. فيما تعمل على إعداد حملة مكثفة للتدريب والاهتمام بالبعثات الخارجية والداخلية لمنسوبي التمريض، حيث يوجد حاليا 1500 مبتعث خارجي و2800 مبتعث داخلي. أشرف مهنة مدير مستشفى المساعدية للأطفال والولادة الدكتوركمال أبوركبة، قال إن مهنة التمريض ضاربة بجذورها في عمر الزمن فهي مهنة سامية ومن أشرف المهن على وجه الأرض، لكن هوية وطبيعة مهنة التمريض تخفى على الكثير من الناس، حيث يعتقد الكثير أنها مجرد مهنة أقرب إلى مساعدة الطبيب منها إلى العناية بشكل مباشر. وأضاف أن مهنة التمريض تطورت في العصر الحديث لتصل إلى مرحلة أكثر تقدماً. فالتمريض علم وفن يهتم بالفرد ككل «جسم وعقل وروح» ويعمل على حفظ الفرد روحيا وعقليا وجسمانيا ومساعدته على الشفاء. ويمتد الاهتمام بالفرد المريض إلى أسرته ومجتمعه ويشتمل ذلك على العناية ببيئته وتقديم التثقيف الصحي عن طريق الإرشادات والقدوة الحسنة. مدير مستشفى المساعدية يضيف بأن التمريض خدمة مباشرة تهدف إلى استيفاء حاجات الفرد والأسرة والمجتمع في الصحة والمرض، وهي ليست مهنة مكملة أو جانبية طرفية بل أساسية صحية يعتمد عليها الحراك الطبي بشكل أساسي، ويمثل التمريض الثقل الأكبر في القطاع الصحي. وطبقا لذلك وجب على الجميع احترامها وتقدير العاملين في هذا الحقل والترفع عن النظرة الدونية. واحد في أربعة المدير العام للمكتب التنفيذي في مجلس وزراء الصحة لدول مجلس التعاون الدكتور توفيق خوجة قال إن نمو الخدمات الصحية خلال السنوات الأخيرة في المملكة ودول الخليج كثف الحاجة إلى الخدمات التمريضية وخصوصا مع ارتفاع العدد السكاني، مبينا أن مجلس وزراء الصحة لدول مجلس التعاون يتبنى الخطط والاستراتيجيات التي تساهم في رفع مستوى الخدمة وتطويرها. وأشار إلى أن المعايير العالمية والأبحاث توصي بأن تتكون القوى العاملة التمريضية من 70 في المائة من اختصاصي تمريض و30 في المائة فني تمريض، كما توصي بأن تكون نسبة التمريض في المستشفيات ممرضة لكل أربعة مرضى، وأن عدم التوازن بين نسبة الاختصاصيين والفنيين والنقص في القوى العاملة التمريضية يرجع لقلة عدد كليات تمريض بدرجة البكالوريوس، ومحدودية الأعداد المقبولة في هذه الكليات. خوجة أكد أن الخدمات التمريضية بدول المجلس استحوذت على جل اهتمام مجلس وزراء الصحة لدول مجلس التعاون ومكتبه التنفيذي حيث قرر الوزراء تشكيل لجنة فنية خليجية للتمريض منذ عام 1992م. وتتمحور دورها في تجميع المعلومات عن هيئة التمريض بالدول الأعضاء وتحديد الاحتياجات والمتطلبات اللازمة حسب خطط وبرامج وزارات الصحة بدول المجلس، ومعرفة المعوقات التي تواجه مهنة التمريض والاحتياجات المستقبلية لتطوير المهنة كما ونوعا والإسهام في تحقيق أفضل الوسائل والمفاهيم الأساسية للتخطيط الوطني للقوى العاملة في مجال التمريض وتطوير الخدمات التمريضية بدول المجلس والنهوض بمستوى المهنة ومواكبة ثورة المعلومات والتطورات العالمية وإصدار الأدلة والمطبوعات التي تساهم في رفع كفاءة الممرض والممرضة.