التمريض من المهن السامية الشريفة، والتي تتفاخر بها الدول الغربية، وقبلها الإسلام حيث كانت أمهاتنا الصحابيات الجليلات من أول من قام بهذه المهنة وذلك في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين من بعده. لست في هذا المقام أستعرض الجوانب التاريخية لمسيرة التمريض في الإسلام أو غيره، وهي تستحق، ولكن ليس هذا مكانها. إن هذه المهنة الإنسانية العظيمة التي تقوم على تقديم الخدمات العلاجية للمجتمع للمحافظة على صحة الأفراد وبقائهم أولتها منظمة الصحة العالمية العناية والرعاية، وشجعت الدول الأعضاء على تعزيز قدرات القوى العاملة في مجال التمريض، وتنفيذ الاستراتيجيات المعينة على تطوير الأداء والمهمات، وثم تخصيص يوم الثاني من شهر مايو من كل عام يوماً للتمريض العالمي لبيان أهمية هذه المهنة الشريفة ولتكريم العاملين والعاملات في هذا المجال، والمملكة تشارك بفاعلية في ذلك. واستمراراً للدعم والتحفيز لمهنة التمريض في المملكة جاء الإعلان عن تخصيص جائزة باسم "جائزة وزير الصحة للتمريض المتميز" توافقاً لتبني وزارة الصحة مشروع تعزيز جاذبية مهنة التمريض ضمن مبادرات التحول الوطني المرتبطة بالهدف الاستراتيجي لوزارة الصحة، والخاص بزيادة المشاركة المجتمعية بهدف الترغيب في مهنة التمريض، وذلك تحقيقاً لرؤية المملكة 2030، من خلال مشروع وطني ممنهج يعتمد على إشراك التمريض أنفسهم، والممارسين، وطلبة المدارس والجامعات، وشرائح المجتمع لتعزيز جاذبية مهنة التمريض وتحسين كفاءة منتسبيها، وبالذات أن 50 %من إجمالي القوى العاملة بالقطاع الصحي هم من التمريض، حيث يبلغ عدد التمريض في جميع القطاعات الصحية بالمملكة 185000 ممرض وممرضة 37 % فقط هم من السعوديين (68000 تقريباً)، وتبلغ نسبة التمريض في المملكة العربية السعودية حالياً 54.7 لكل 10000 من السكان، وتسعى المملكة من خلال هذا المشروع للوصول إلى مستهدف رئيس في معدل التمريض سيصل بحول الله إلى 70 لكل 10 آلاف من السكان بنهاية 2020 بحسب المعايير الموصى بها من منظمة الصحة العالمية، ووفق ما أعلنه معالي وزير الصحة الدكتور توفيق الربيعة. ولاشك أن المستشفيات والمستوصفات والمراكز الصحية في القطاعين العام والخاص تعاني من نقص التمريض من أبناء وفتيات الوطن، ولابد من تضافر الجهود من قبل القطاعات المعنية كافة لسد النقص الكبير، والعمل على توفير بيئة جاذبة لتلك المهنة الإنسانية السامية الشريفة وهو ما ستركز عليه وزارة الصحة من حيث زيادة كفاءة العاملين في التمريض عبر زيادة عدد المراكز التدريبية المتخصصة والمعتمدة من قبل الهيئة السعودية للتخصصات الصحية في كل من المدينةالمنورة، والقصيم، والأحساء، والطائف، ونجران، وكذلك مشروع تنمية القدرات البحثية "باحث" الذي يهدف إلى تعزيز القدرات البحثية للتمريض السعودي، وتوفير بيئة مناسبة لعمل الأبحاث التمريضية، وتعزيز وتوسيع الروابط مع الهيئات والمراكز العلمية الوطنية والدولية، وبناء أبحاث تعاونية تبنى عليها ممارسة مبنية على البراهين. وتبقى هناك نقاط محورية مهمة في التوسع بفتح القبول لاستقطاب الشباب والفتيات للانخراط في مهنة التمريض والعمل على تهيئتهم بشكل كبير مع تقديم الحوافز المعنوية والمادية لهم، والاستمرار في إعطائهم الدورات العلمية المتخصصة التأهيلية التي تعينهم على تطوير مهاراتهم وإكسابهم مزيداً من العلوم والمعارف في مجال تخصصهم. محمد الحمادي