يتمثل الأدب الصوفي بكونه الأدب الذي حاكاه الزهاد بمختلف اتجاهاتهم ومشاربهم، ويدخل ذلك الصنف من الأدب في خوالج النفس والذات. بدأت الحركة الشعرية الصوفية في أواسط القرن الثاني الهجري بنثريات خجولة لم تدخل لعوالم القصيدة بعد، أخذت مجدها بالوصف والغزل الحسي ومدلولاته المجازية والرمزية، إذ يهيم الشعر الصوفي في كيان اللغة سابراً أغوارها كما لو كانت هي الغاية والمُراد. شكلت نصوصه ذائقة ملهمة وركيزة فلسفية للتعبير الوجداني في ذلك الوقت وحتى إلى يومنا هذا، فقد تأثر الكثير من المستشرقين بالأدب الصوفي وأعلامه وكتب عنه كبار الكتاب في الغرب، ومن الجانب الآخر يحاول الشّاعر الصوفي في محاكاته للكون التعبير عن المحبة التي يحملها في قلبه للخالق بأسلوب عالٍ لا يميل عن الغموض الذي عُرف به. «رابعة العدوية» من الأسماء النسوية المهمة في عالم الشعر الصوفي، والتي أخذت من الشّعر طريقاً خالصاً يصلها بالإله في هالة روحية راقية كما أشارت بإحدى قصائدها: «عرفت الهوى مذ عرفت هواك وأغلقت قلبي عمن سواك وكنت أناجيك يا من ترى خفايا القلوب ولسنا نراك أحبك حبين حب الهوى وحبا لأنك أهل لذاك». من الأسماء التي عرفت في هذا النوع من الأدب «ابن الفارض» أو سلطان العاشقين كما كان يلقب، أحد أشهر الشعراء المتصوفين الذين خلفوا وراءهم إرثاً كبيراً في الشّعر، يقول في إحدى قصائده «قلبي يحدّثني بأنك متلفي روحي فداك عرفت ألم تعرف» ومن أعلام الأدب الصوفي حسين بن منصور الحلاج الذي أخذ من الشعر طريقاً لقول الحق وليس فقط مسلكاً فردياً بينه وبين الخالق، أراد من قصائده أن تأخذ الطابع الجهادي أمام الظلم والطغيان في المجتمع، ولأن الرمزية كانت حاضرة بشكل قوي في الشعر الصوفي وغدت من أساسيات التركيبة الشعرية قام الكثير ممن لم يفهموا شعر الحلاج بتكفيره ومعاداته ومن أشهر ما قال الحلاج «أنا من أهوى ومن أهوى أنا نحن روحان حللنا بدنا» هذا وبالإضافة إلى شخصيات عديدة هامت في الماورائيات الصوفية وأصبحت من أعلامها كالنفري وابن عربي. arwa_almohanna@