كنت أنتظر كلماتك الأولى وأنت تعيش بصمت مطبق وأراك غريبا ومختلفا وحيدا وسط زحام الأطفال، لم أكن أفهم تصرفاتك، فكنت أعتبرها دلالا زائدا وشقاوة أطفال، أعتذر، لم أفهمك لم أستوعب ما تمر به. أعتذر، لم أشارك عالمك الفريد الذي لا يراه إلا أنت، أعتذر عن نوبات غضبي وقلة صبري في كل حالة كنت تمر بها، ولم أستطع تقديم ما تستحق، فليس بيدي سوى القليل وهذا القليل هو الموجود. اعذرني يا صغيري، فلم أستطع تحقيق أحلامك بأن تكبر، ويكون لك أصدقاء، يتقبلون وضعك ويشاركونك حزنك، ويكونون خير عون لك بعد الله. اعذرني يا صغيري، حين كنت ترغب باللعب ولا تجد من تلعب معه لأنهم كانوا يرفضون اللعب معك بسبب حركاتك الزائدة وسلوكك الغريب، اعذرني يا صغيري حين يتحدث الكل عن التوحد وينسى اسمك، فأنت بالنسبة لهم مجرد حالة لا أكثر ولا أقل. اعذرني يا صغيري، حين كنت ترغب بالمدرسة، وأصرت المعلمة على طردك لعدم قدرتها على تعليمك. اعذرني يا صغيري، حين تكون القسوة بدل الرحمة، واللامبالاة مكان الاهتمام بأشخاص من المفترض عليهم أن يكونوا كذلك. اعذرني يا صغيري، حين كنت أتجاهل صراخك الذي كان يحمل رسائل لم أفهمها، ولغة لك حتى لو لم تتحدثها. اعذرني يا طفلي، حين يصفك أحدهم بالجنون أو التخلف، أو ينظر لك وكأنك مخلوق فضائي، فهم من الجهل لا يدركون أنك مميز ومختلف. اعذرني يا صغيري، حين يتكلم الكثير عن المبادرات ونجد القليل من الإنجازات. اعذرني، فأنت تستحق ما هو أفضل وأجمل.