لماذا القسوة؟ ولماذا ابتدأت في احتلال قلوبنا وتحطيم رموزنا؟ الآن من خبرتك الكبيرة أو الصغيرة في الحياة تعلمت ألا تضع ثقتك بأحد على الإطلاق، وأن تتخذ جانب الحيطة والحذر الشديدين من المقربين قبل المبعدين لربما... خصوصاً أنك أدركت أن القانون لا يحمي المغفلين. نحن مغفلون لأننا لا نعرف شيئاً عن القوانين المحلية والدولية، فهذه إسرائيل تلعب معنا لعبة النصابين والمغفلين وتعيد الكرة كل مرة، فلا نثق بها، لكنها تثق بأننا مغفلون. إن رفضت فكرة أن تكون مغفلاً، فاعذرني واتركني وحدي مغفلة ومغفلة، فحينما كنت مغلفة بحرير ونسائم وردية، وجدت انه من الأفضل استبدال سياج من حديد بغلافي، تعلمت أن أجاريكم وصرت مثلكم رجالاً ونساء، مثلكم امرأة يكتنفها الغموض، مسورة، محصنة يصعب اقتحامها بوسيلة من الوسائل أو بحيلة من الحيل. مزيج إنساني غريب عجيب من التناقضات يتأجج في داخلي، مثلك تحسب منذ الوهلة الأولى أنك تمكنت من فهمها واستيعابها، لكنك سرعان ما تكتشف أنك على الرصيف المجاور تسير خائباً منكسر الخطوات. مثلك إذاً طبعاً تعلمتها منكم، أن أضع أخباري وأسراري وحكاياتي في درج أو حقيبة أو صندوق، ألا أسمح لكائن من كان بالاطلاع على ما في داخلي، فالصديق الذي تتكئ عليه قد تصحو صباحاً وقد اختفى. نعم، اختفى، والزميل الذي تعاملت معه في السراء والضراء قد تجد انه وضع إشارة عدم الإزعاج أو تركك"حسد كول"ثم تتذكر أن هؤلاء هم من كانوا يسيئون الظن ويحيكون المؤامرات ويفكرون بسلبية مطلقة، فلماذا ائتمنتهم، وما من ستر إلا فضحوه وما من سر إلا وكشفوه. لم الاطلاع بعد اليوم على أخباري وأسراري وهم الأدرى بنفوسهم التي تهوى وتعشق الدس واللس والتخبئة، إنما ممنوع عليّ مسموح لهم. فلا عذر فهمنا اللعبة. لا ثقة. لكن إذا اختفت الثقة، فأين العلاقة؟ لا توجد أصلاً علاقات. نحن خبراء في هدم الجسور وقطع العلاقات وصحفنا منذ وعينا الدنيا وهي تردد مثل هذه العبارات فطبقناها على أنفسنا وعلى أعدائنا وعلى أصدقائنا وعلى زواجنا أيضاً. لا ثقة، فكم من زوجة ضحت لتجد أن لزوجها زوجة مسيار وخليلة وعشيقة وهي ما كانت في حياته سوى كتف غنمة أو صور دجاجة. فأي زواج هذا الذي يعيش من دون ثقة؟! يا أخي حتى سوق الأسهم تعاني من مشكلة انعدام الثقة، فكلما تلقت وجدت هذه الحالة في شخص ما، علاقة ما، ما دعاني وأوصلني إلى القسوة. امرأة قاسية إذاً! هل أنا كذلك وأنت سوياً؟ أحقاً نحن بهذه القسوة أم أن ذلك مجرد هذيان من ذاكرة أتعبها الزائرون الذين غدروا بنا؟ لسنا قساة، فنحن العرب من مزايانا العطف واللين والرقة، فدعني أطلقها"أبو نية غلب أبو نيتين"، والنية مطية والنوايا الحسنة تجعل الدنيا في عيوننا جميلة حسناء وهذا ما نبحث عنه. خلينا على نيتنا أحلى،"مغفلين لكن حلوين". خلف الزاوية حين يكون عليك أن تختار بين طريقين، اسأل نفسك أيهما يملك قلباً. فمن يختار طريق القلب لا يُخطئ أبداً. [email protected]