يمر القطاع الصحي في المملكة بمرحلة تحول كبيرة، ولا تزال هناك الكثير من التحديات التي تواجه الخدمات الصحية وعلى رأسها رضا المستفيد والذي هو أساس هذا التحول الوطني وهدفه، ولعلي أتطرق لأحد الأمور التي ما زالت تعاني منها أغلب المستشفيات الحكومية، في ظل نقص الأسرة في أغلب المناطق، ولو ألقينا نظرة بسيطة على وضع المرضى في غرف التنويم في الوقت الحالي لوجدنا أن أغلب المستشفيات لا زالت تتعامل بنظام 4 مرضى في غرفة واحدة، إلا في حالات العزل الطبي، ولو أردنا مناقشة الأضرار المترتبة على المريض من هذا الإجراء لوجدنا أولها الراحة النفسية للمريض والإزعاج الحاصل لوجود 4 مرضى بمرافقيهم في نفس الغرفة ودورة مياه واحدة تخدم الثمانية معا، ولو قارنا هذا الوضع برحلة لعائلة طبيعية لكان من أهم عوامل اختيار السكن هو عدد دورات المياه فما بالك بالمرضى، ولا يستطيع أحد أن ينكر أهمية هذه العوامل النفسية على سرعة تشافي المريض. أما من ناحية الخدمات الطبية المقدمة ومدى الضغط على الممارسين الصحيين لوجدنا تناسبا طرديا بين ازدياد عدد المرضى في القسم وتدني جودة الخدمة والاهتمام المقدم للمرضى، وأيضا لا ننسى أمرا مهما وهو سهولة انتقال العدوى بين المرضى لتكدسهم في غرفة واحدة، وهناك خرق كبير لحق من حقوق المريض وهو الخصوصية وكيف تتم مناقشة الخطة العلاجية معه على مسمع المرضى الآخرين بنفس الغرفة! إن الفائدة المرجوة من وضع 4 مرضى في غرفة واحدة لزيادة الطاقة الاستيعابية مقارنة بأخذ نصف العدد كما يفعل القطاع الخاص الآن، وهو الذي يعرف من أين تؤكل الكتف، لوجدناها أكبر في الخيار الثاني بارتفاع الكفاءة والجودة التشغيلية وتقليل التكلفة وسيكون أكثر نفعا ويخدم نفس العدد من المرضى بجودة ونسبة رضا أعلى لأنه ستقل عدد أيام الإقامة بالمستشفى وحالات إعادة التنويم وذلك لتلقي المريض عناية واهتماما أعلى أداء لشفائه بشكل أسرع. أخالف أغلب من يهتمون بزيادة عدد الأسرة دون الاهتمام بكيفية إدارتها بالشكل الصحيح، هي مفتاح من مفاتيح تحسين الخدمات الصحية بالمملكة وليس زيادتها فقط.