خرج حسن نصرالله متهكماً على أكراد العراق، ومطالباً الخليجيين شكر قاسم سليماني، بزعم محاربته الإرهاب، ومن حسن الحظ تزامن ذلك مع نشر مقال مهم للباحث الأمريكي - الإيراني كريم ساجدبور، في صحيفة «الوول ستريت جورنال» بعنوان: «العبقرية الشريرة» لسليماني. أهمية المقال ليست بالتحليل، وحسب، بل واستناده لكتاب «المنفى.. رحلة أسامة بن لادن»، الذي كتب عنه مؤلفاه الصحافيان الاستقصائيان أدريان ليفي، وكاثي سكوت كلارك، في «ذا اتلانتك» نوفمبر 2017. ولو لي من الأمر شيء لحولت هذه الأعمال إلى فيلم وثائقي. يقول ساجدبور إن خطة سليماني، ومنذ غزو العراق عام 2003، كانت احتضان «القاعدة» إثر انكسارها في أفغانستان، بعد الغزو الأمريكي، ورغم قلق البعض، «أدرك سليماني»، الذي يصفه الكاتب بمهندس خطط إيران «للهيمنة الإقليمية، أنها يمكن أن تكون أيضاً ميزة». ويضيف: «تحت قيادة سليماني أصبحت إيران الدولة الوحيدة في المنطقة القادرة على تسخير التطرف الشيعي، وفي بعض الأحيان التطرف السني أيضاً». وأن «عبقريته الشريرة»، أي سليماني، أعطت إيران «ميزة هائلة غير متماثلة على منافستها العربية السنية في الخليج، السعودية». ثم يقول، واقرأ هذه بتمهل عزيزي القارئ: «جميع المتطرفين الشيعة على استعداد للقتال من أجل إيران، في حين أن معظم المتطرفين السنة - بما في ذلك تنظيم القاعدة والدولة الإسلامية - يريدون الإطاحة بالسعودية». وبالعودة إلى كتاب «المنفى»، الذي يعتمد على مقابلات مع بعض أبناء وزوجات أسامة بن لادن، وآلاف الوثائق التي استحوذت عليها أمريكا بعد اغتيال أسامة، والمقال المختصر له، يكشف الصحافيان كيف استقبلت إيران قيادات وعوائل «القاعدة» على أراضيها، من أبناء بن لادن، وزوجاته، والإرهابي المصري سيف العدل الذي منح اهتماماً خاصاً من سليماني بلغ حد أنه كان يسبح في النادي الرياضي الذي يتمرن به الدبلوماسيون الغربيون بطهران. وفور وصول سيف العدل، وحيث كان يقيم بالمقاطعة 9، بطهران، أشرف على استهداف ثلاث مجمعات في الرياض عام 2003 راح ضحيتها أكثر من 35 قتيلاً. كما استضافت إيران «أبو مصعب الزرقاوي»، ثم أدخلته العراق؛ لاستهداف المواقع الشيعية، مما ساهم في تشدد الشيعة هناك، وارتمائهم بأحضان سليماني، وإيران. وبداية إرهاب الزرقاوي قال لي شخصياً مسؤول عربي كبير: «رصدنا الزرقاوي يتحرك بحرية بين الحدود الإيرانية - العراقية». التفاصيل كثيرة، والمقالان، والكتاب، كنز للمعرفة، والعمل الإعلامي الجاد. خلاصة القول هي أن حسن نصرالله يكذب، ويعرف أننا نعرف أنه يكذب، وحان الوقت ليعرف معتدلو الشيعة أنه يكذب مثله مثل متطرفي إيران.