لن تستطيع منع الناس من تصديق الكذبة، إلا إذا تمكنت من جعل الكثير منهم يصدق أنها كذبة في الأصل وهو ما يسمى علمياً بضغط النظائر (Peer pressure)، إذن فرفع الوعي العام هو الأداة الأولى لحربك ضد تلك الكذبة المجتمعية مهما كانت، لكن احذر ففي حالة كنت ترى أن توعية الناس خطوة سهلة فلتنظر لأولئك المناضلين الأوائل الذين ظلوا يمارسون الرياضة لسنوات وسط الاستهزاء بهم وكأن تدلي الكرش هو من مظاهر الجمال! ويحمد الله أن هذا اختلف الآن فالجميع يتطلع للاشتراك في نوادي اللياقة البدنية المنتشرة في كل مدينة والفضل يعود في ذلك لأسباب كثيرة ساهمت في إشاعة فكرة ممارسة الرياضة وليست فقط لجعل جسدك يبدو أكثر جمالاً بل هي لدواعٍ صحية ووقائية ايضاً. وهنا نأتي للأمر الثاني الذي تحارب به الكذبة وهو صمودك وعدم تغير أفكارك اذا ما كنت تراها صحيحة فقط لأن الجميع يؤمنون بأنها خاطئة، فقد أحرقت كتب ابن رشد يوماً أمام ناظريه وقد مات كمداً عليها، إلا أنه الآن لا يزال يعظم من العالم الغربي والعربي بل والعالم أجمع بوصفه من عظماء الفلاسفة، فأقل ما فعله كان نقل تراث أرسطو الفيلسوف اليوناني لأوروبا ناهيك عن المدرسة الرشدية الفلسفية القائمة على أفكاره وبقية تراثه الكبير، وما زال يدرس فكره في أعرق الجامعات حول العالم، وستراه متمثلاً مكرماً في لوحة رافائيل (مدرسة أثينا) وتمثاله الشامخ في قرطبة، فطالما أن الأفكار التي تسعى لتنوير مجتمعك بها صحيحة فإن الناس سيحتفون بها حتى لو لم يقتنعوا بها الآن. ختاماً لا تجزع إن رأيت البعض يتنطعون في كل مكان يسخرون منك أنت الذي تسير بينهم قاصداً مكتبة عامة أو متحفاً أو تقاطع مشاهدة شيء من سخافات التلفاز لتشاهد فيلماً وثائقياً سيعرض بعد دقائق، تذكر أنهم نشأوا على أن ما يفعلونه من إزعاجك هو الصواب، فقم بعملك واستمر في تثقيف ذاتك ولتصدق أن هناك الكثير ممن هم مثلك ستقابلهم يوماً ما وسيحتفى بك. [email protected]