يحكى أن زوجاً اتصل بطبيب العائلة لإنقاذ زوجته، دخل الطبيب الغرفة للكشف عليها وبقي الزوج واقفاً بالخارج، بعد دقيقتين خرج الطبيب وطلب سكيناً ! فاعتذر الزوج بعدم وجودها لديهم ! دخل الطبيب الغرفة مرةً أخرى، وخرج بعد مرور خمس دقائق، وطلب هذه المرة مفكّ ! فذهب الزوج، وأحضرهما بسرعة، وكان في حالة شديدة من الخوف والذعر! ودخل الطبيب الغرفة مرةً أخرى، ولكنه عاد بعد عشر دقائق قائلاً: أعتقد أنني أحتاج إلى مطرقة! فرد الزوج الخائف قائلاً: «هل يمكنني نقل زوجتي للمستشفى إذا كانت حالتها خطيرةً لهذه الدرجة ؟!» فأجاب الطبيب: «كلا.. إنني فقط أحاول جاهداً فتح حقيبتي»! لقد بات المستشار الأسري أو المالي أو حتى الرياضي بزمننا، مشغولا بفتح حقيبته المثخنة برؤاه الشخصية وأجندته البرجماتية، بغض النظر عن مصير القضية التي يعالجها، المهم أن ينتصر لتياره وتظل أحكامه المسبقة ثابتة ويتصدر المشهد وإن بدا جاهلاً !؟ قبل أيام ظهرت مذيعة بقناع (مستثارة أسرية) لتسدي لصديقتها نصيحة الطلاق، كانت تتحدث عن مشاعر المرأة تجاه (الرجل) لا عن مشاعر زوجة تجاه زوجها، والتي تحتمل مقابلة الإساءة بالإحسان، لكنها لم تترك عيباً إلا ألصقته فيه، كانت محتقنة وناقمة على الرجال لدرجة أنني شعرت بأنها ستحذف المخرج بالكاسة، كانت أدواتها اللغوية والفكرية غريبة لأنها أنشغلت بفتح (حقيبة النسويات) ! أما المستشار المالي، فدائماً ما تخرج دراساته المنسوخة، بتأكيد نظرية الخسارة والركود الاقتصادي حتى والسوق يقف على رجليه، ليخرج بنفس التوصية السابقة وهي ترشيد المصروفات وتسريح العاملين، هكذا يبدو دائماً موارياً ومتنفعاً لتبقى المنشأة بحاجته، أما ذلك (المحلل الرياضي) فآخر همه مصلحة الكرة السعودية، وإلا لما حول برنامجه الرياضي أو زاويته الصحفية إلى مجسم صغير لرابطة مشجعي فريقه المفضل، حتى صدر التعصب ونشر ثقافة التشكيك بمنجزات الفرق الكبيرة المنافسة، مما انعكس ذلك سلباً على نتائج منتخبنا الوطني ليتعادل بهدفين لمثلهما مع أقل المنتخبات إمكانية وتحضيراً وتستقبل شباكه أجمل هدف (دبل كيك) بالعالم !! طبعاً الوضع بالعالم الافتراضي وتحديداً بمواقع التواصل الاجتماعي أكثر خطورة وكارثية، لقد استحالت مؤخراً تلك البقعة الثقافية لبحيرة راكدة تغير لونها وبدأت تنبعث منها الروائح الكريهة وتحلق في سمائها أنواع البعوض الناقل للأمراض الفكرية والفايروسات التيارية، هنا يأتي الشيخ والمحامي والمهندس والطبيب والطيار والروائي وفي عز انبهارك بأسمائهم اللامعة تجد بعضهم يقلب أفكاره شمالاً ويميناً، دون أن يضع مبضعه على الجرح الاجتماعي الغائر ويحرر له الوصفة، لتكتشف مع الوقت أنه أضاع مفاتيح (حقيبته الثقافية) !