اختذله بعض من يدّعون قرابتهم له، استخدموه في الرعي والاحتطاب وتنظيف مراح الغنم، فأطلقت عليه القرية لقب «عطوي» لم يكن له أهل، ولم يكن يتعايب من اللقب، بل ما إن يسمع يا «عطوي» حتى ينط مثل ما ينط الملقوص مردداً «أبشر بالعطوي». عاش (زبران) حياة شقا، إن لقي غداه ما لقي عشاه. يقضي نهاره بين المزارع، وفي الليل إذا ما أحد دعاه لبيته ينام في المسيد. سألته الخطّاطة (حميدة) وين أهلك يا زبران؟ فشغر برأسه إلى السماء. مسكت بيده وفتحت كفه اليسرى وقرأت خطوط الحظ، فطلبت منه ينتظرها. دخلت العليّة وهو متسمر في الباب. عادت بقبضة لُباب وقبضة زبيب، وضعتها في جيبه وقالت «إن رزقك ربي لا تنساني». انتبه الفقيه لزبران وهو معوّد من عند المبصّرة، دعاه، فلما قرب منه سأله «وش هبت لك المخورة؟ فأشار إلى اللباب والزبيب، فأدخل يده في جيبه، وتحتحت ما فيه وبدأ يقضم ويوصيه «إن زادت هبت لك خذه وتعال به عندي من ساعتك وأبشر بمحوة بلاش»، هزّ رأسه بالموافقة. قدم على القرية «ملحّم دوافير» سكن في بيت مهجور، وبدأ يلحّم ويطبب، فاستحوذ على اهتمام القرية وزاحم المبصّرة والفقيه على رزقهما. وكل ما سمع الفقيه سيرته قال: «قطعه الله وقطع ساعته أبو شكيم المِرْوِحْ» بينما كسبته المبصرة ببيض الدجاج ليرسل لها المرضى ويحسّن صورتها. تعلق قلب ملحّم الدوافير ب(زبران)، فأسكنه معه، وكساه، وبدأ يعلّمه القراءة والكتابة ويفتح له المذياع بالليل، فبرع واستعاد نباهته، فقدت القرية العطوي، مرّ أبو يوسف عليه ليسرح به فأبى. فقال «الشبع زرافة يا زبران، يا مسرع الزرقوي وتغانى بينفقع م الفرانسة». احتاج العريفة لكاتب، فكان زبران كاتبه، حاول الفقيه يزيحه بالدسائس والمكائد فلم ينجح، أسكنه العريفة معه، وزوّجه بنته، وألبسه مشلح وعقال مكتّل. ومع الوقت غدا زبران الآمر الناهي. فالعريفة لا يرد له طلباً. كلما ذهب الفقيه لبيت العريفة يبدأ بالسلام على زبران ويسلّم في يده!! سأله المؤذن: أشوفك يا فقيهنا تنحني لزبران وتتعيا كيف تقل به، أجابه «باحطه جوف عيني. ما تدري يا ديكان أن العطوي يهدر بزغد غيره». علمي وسلامتكم. Al_ARobai@