رسم الصبيان، والفتيات بأقدامهم مربعات البربر، وكانت خضراء أمهر في القفز على قدم واحدة من الأول إلى الثاني، وعندما أنزلت قدمها المعلّقة في الثالث، قالت «نسمة». صاح معاون الشاحنات أبو مسمار، وخروا يا سفان لا يدعسكم البوجي، فتسابق الصغار إلى درجة بن عثمان، وتداحشوا وأعينهم ترصد سيارة صفراء مزينة بشبك علوي، مربط عليه عفش. كان السائق إبراهيم يخرّج ذراعه ورأسه من فوق قزاز النافذة، ويسأل أبو مسمار «أروح» يرد عليه «روح» ويتحرك يميناً ويساراً خلف السيارة، وإبراهيم فاك أزارير الثوب وعينه على الشبابيك، متباهياً بإدخال البيجو إلى المسراب لإنزال أغراض العريفة القادم من المنطقة المحايدة، صاح «حاسب» فرفع التعشيق إلى الأعلى، ووضع عمامته على كتفه ونزل. تسارع الأطفال إلى السيارة الفاتنة، وشدت أنوفهم رائحة تجنيدها، تعلقوا بأيديهم في نوافذها يتأملون صور سيدات جميلات ملصقة على الطبلون وفي تجليد الأبواب، أحدهم قال لشريفة: هذي تشبه لك، فتضاحكوا، فردت: الله يخشعك ويخشعها يا المغيّر. أخرج إبراهيم من جيبه حلاوة عسلية، ووزع على الجميع. صعد العريفة إلى العالية، وتقاطر كبار السن إلى منزله، فيما كان ابنه أحمد يرحّب بالجميع، وثوبه مغروز في دكة سرواله الطويل، وبيده مغرفة المرقة، وخلال دقائق كانت ثلاث غضارات تطفح بمرق الذبائح التي سنعها عشاء لأبيه. سأل: المؤذن، وين الحمبص يا عريفة؟ أجابه الفقيه: يا ملقفك يا ذا المخلوق، خل عريفتنا يتعشى، ويعيّن خير ولاحقين، وبعدين الرجال جاي من ديرة «البترون» منين يا هب لك حمبص الله يا هب لك في العثري. أخذ السائق المقطوع من شجرة شنطته الحديد، ودخل إلى بيت مهجور، دعا أبو مسمار زوجته، وطلب منها مساعدة الجار في تنظيف البيت وترتيبه، التحفت شرشفها، ونزلت تسعى بالمقشة، حايت إبراهيم، وصافحته بطرف يدها بعد لفها بالشرشف كونها متوضئة. نام إبراهيم ثلاثة أيام، وخرج في اليوم الرابع، والأطفال يلعبون، فدعا جمعان، وقال بلهجة مكاوية، عندي لغز إذا حلّيته يا جمعمع أبشر بحلاوة بقرة، «أبو الحصين جاك، وفلفلك وفلاك، إيش تسوي له؟»، علمي وسلامتكم. Al_ARobai@