انقضت الليلة اليتيمة، استيقظت الجدة (بركة) هللت وكبّرت، وطلبت من حفيدها (شاكر) يفتح الطاقة، سألها «أفتح الباب يا بركة»؟ قالت (افتح نشوف الله وخلقه ونشم ريحة الوادي يا فرخ جدته). تناولت عصاتها، ونزلت من الدرج إلى ركيب مجاور، اقتلعت من الثفراء قبضة يدها ثلاث مرات وعادت وأدخلت سيقان الثفراء فوق جباهة البيت. تعجب شاكر من فعل جدته، قالت: البيت يعيّد مثل أهله، وأنا أغرز البيت كل سنة، وطلبت منه أن يصرم لها من تنكة فوق الجناح ريحاناً لتذهب تغرّز القبور. انقسمت القرية ثلاث لحام، وكل لحمة غداها في أوسع البيوت، أعلى القرية ذبحوا ثلاثة خرفان، ووسطها ذبحوا حسيلة حايل، وأسفل الدار ذبحوا ثوراً، ولم يبخلوا على بعضهم بالمرق، فيما السيدات ينقشن الحنّا وكل واحدة تفكّر كيف تتغلب على زوجة الدبشة الفاتنة شكلاً ولبساً وحُلياً. تغدى الجميع، وذهبوا لصلاة العصر، بعد الصلاة ارتص العريفة والفقيه وبعض القادمين من السفر في بسطة درج يطل على ظلة المسيد، فقال الدبشة للفقيه: وش سويت البارح؟ فتضاحكوا جميعاً، وكانت كرش أبو سراج تهتز من الضحك، والفقيه يحذف الدبشة بعجم التمر، ويقول «أبرد، أبرد اسم الله على لحيتي». طلب نقاع الزير من ابنه يحضر البندقة أم خمس ومسبت الرصاص، وقال للمؤذن: لاهنت اطلع في الجبل وحط لنا مناش نرميه، تحفش المؤذن وطلب مساعدة ابن الفقيه، وانطلقا وبنوا حصنا من حجارة بارتفاع نص متر، عادوا بعد المسح ليتأكدوا أنه لا أحد في الوادي. أخذ العريفة البندقة ورمى ما صابت، قال الشاعر: والله يا عريفتنا أنها جنب المناش كان يبغي لك تكة، رمى الفقيه ونفحته البندقة مترين للوراء فتعالى الضحك، والشاعر يردد «يا حليلك يا فقيه الزرى من عيشتك». تناول الدبشة البندقة. كلهم قالوا ساخرين: ما بينثر المناش إلا الدبشة. ورماه فانتثر وقام يحتلج بالبندقة وزوجته تغطرف. في الليل كان اللعب محكوما في بيت العريفة، والشاعر يساقط حبات المسبحة وبدع «يا اتريك ميّزك ربي وانت باهي، ضيّعت أتاريكنا يا اتريك فني».. علمي وسلامتكم.