هاجم الناقد سعيد السريحي دعاة تسليع الثقافة ومنتقدي النخب الثقافية، وأكد أن أخطر ما يمكن أن يواجه الثقافة الحقة هو تلك البرامج «الشعبوية» التي يتم تقديمها على أنها هي الثقافة؛ لأن خطرها أنها تستمد قوتها وسلطتها من الإقبال الجماهيري وليس مما تبنيه من قيم الجمال والحق. وأضاف أن الثقافة الحقة لا تسير مع القافلة، فهي إما أن تتقدم القافلة أو تسير وحدها. وحذر السريحي من ثقافة قادمة روادها خبراء التجميل والأزياء والطبخ ونجوم الكوميديا ومهرجو مواقع التواصل الاجتماعي. وكان السريحي قد انتقد في تغريدات عدة في حسابه ب«تويتر» الذين يتبرأون اليوم من ثقافة النخبة لأنهم يتناسون أنها هي التي وقفت في مواجهة الصحوة وراهنت على مستقبل التنوير الذي تطالعنا بشائره اليوم، وأنها الثقافة التي قدمت وجها مشرقا للمملكة في المحافل الثقافية العربية حين كانت منابرنا الداخلية تتعثر في وحل الصحوة. وأكد أن هؤلاء الذين يتبرأون منها اليوم لا يعرفونها فلا يقدرونها حق قدرها، وأن التباهي بهجر ثقافة النخبة نذير بتسطيح الثقافة وتحويلها إلى سلعة شعبوية للتسلية والترفيه. واستشهد السريحي بكرة القدم، وأن هناك نخبة تتمثل في الأندية الكبار «حين تتخلون عن ثقافة النخبة فإنكم كمن يلقي بكرة القدم في الشارع هاتفا: الشعب يلعب لا حاجة لهذه الأندية». وطالب السريحي دعاة تقويض المؤسسات الثقافية بأهمية الاطمئنان أولاً إلى أننا نمتلك رؤية واضحة كفيلة ببناء مؤسسات بديلة قادرة على أن تنهض بالدور الذي نهضت به هذه المؤسسات القائمة لأن هيمنة التفكير الاستثماري على خطط الثقافة وبرامجها تؤدي إلى خسارة الثقافة والاستثمار معا. وأكد أن الثقافة لا يمكن لها أن تكون شبّاك تذاكر، والاستثمار في الثقافة استثمار في الإنسان، وكل ما سوى ذلك باطل وقبض ريح. وقد قوبلت هذه التغريدات بردات فعل متفقة ومختلفة في بعض التفاصيل، إذ أكد الشاعر الصحفي سعد الثقفي أهمية هذه التغريدات التي وصفها بالقيّمة، لكنه طالب بأن نكون منصفين ونذكر أن أول من بدأ بإدخال الثقافة الناقصة والشوهاء ومشاهير السوشال ميديا هي الأندية الأدبية، وأن لديه ما يثبت ذلك. فيما أكد الكاتب محسن السهيمي أن لدينا موجة عاتية تجتاح اليوم ما يُسمى ب«النخبة» التي تُتهم بأنها تعيش في «أبراج عاجية»، ويُراد لها أن تتخلى عما عُرفت وتميزت به فتصبح مسخاً. كما أضاف الشاعر الحميدي الثقفي بأن هيمنة «الشعبوية» ومسابقات الشعر «الشعبي وشعراء الملايين أشياء تشوّه مشهدنا الثقافي، وكأن ليس في الخليج غازي القصيبي وخليفة الوقيان وقاسم حداد وسيف الرحبي. وأضاف: مشهدنا أصبح ممسوخاً وباهتاً. أما الكاتب الباحث قاسم الرويس فقد أكد أن هذه التغريدات من العيار الثقيل من خبير في الثقافة ومسالكها، الذي يؤكد منذ زمن على أنّ «الثقافة مغارم وليست مغانم». وأضاف الرويس أن استخدام مصطلح «ثقافة العمق» المقابلة ل«ثقافة السطح» أولى من استخدام مصطلح «ثقافة النخبة».