هزت تغريدة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب الرأي العام بقوله: إنه حان الوقت للاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان السوري بعد 52 عاما من احتلاله عام 1967، بل كانت ردود الفعل الدولية بحجم قسوة التغريدةK معتبرين أن ذلك يخالف القانون الدولي، إلا أن هذه الخطوة لها مدلولات كثيرة على المستوى الأمريكي والإسرائيلي والسوري على وجه التحديد، فيما يبدو من الضروري معرفة مدى إمكان نفاذ هذه التغريدة وتداعياتها على المسرح الدولي. بالنسبة للولايات المتحدة، لا يبدو أن ثمة إمكانا لتطبيق تغريدة ترمب، ذلك أن إعلان سيادة إسرائيل على الجولان مسألة خارج الحدود الأمريكية وإنما تعني المجتمع الدولي خصوصا أن هذه الخطوة تنافي قرارات الأممالمتحدة التي ما زالت تقر باحتلال إسرائيل للجولان، فضلا عن كون هذه الخطوة نسفاً للقواعد الدولية التي تم إرساؤها بعد الحرب العالمية الثانية القائمة على حل النزاعات وفق قواعد القانون الدولي، خصوصا أن الأمر يتعلق باحتلال تجمع عليه كل القوانين الدولية والمواقف السياسية الأوروبية، وبالتالي لا يعتبر البعض هذه الخطوة سوى تمكين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من الانتخابات القادمة، بعد أن حصل على وعد أمريكي بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، واليوم باعتراف أمريكي على السيطرة الإسرائيلية على الجولان، ما يضيف إلى رصيد نتنياهو السياسي الكثير. على المستوى السوري، فإن تطبيق مثل هذه الخطوة سيكون نهاية لنظام الأسد الذي بقي طوال السنوات الماضية يعتبر الجولان خطا أحمر ورفض العديد من الاقتراحات من بينها مقترح ما يعرف بال5، وعلى عكس ما يعتقد ويرى الكثير أن هذه ستكون صفقة مقابل بقاء الأسد في السلطة، فإن نهاية حقبة الأسد ستزول حتما بضم الجولان إلى إسرائيل، وتنتهي كل مسوغاته ومبرراته التي قام عليها طوال العقود الأربعة الماضية باعتباره على خط النار مع الاحتلال الإسرائيلي وصاحب قضية حق واستعادة الأراضي. إن قضية الجولان ليست من صلاحيات السلطة السياسية في سورية أيا كانت وليست من حق من يحكم بأي طريقة كانت أن يعبر عن القبول أم لا، هي قضية كل السوريين وقضية التاريخ والجغرافيا وبالتالي اللعب بالخرائط سيكون له رد فعل شعبي وإقليمي كبير، وفي حال كان الأسد جزءا من الصفقة فهي بكل تأكيد ستكون نهاية وسقوط حكم الأسد، في الوقت الذي تعيش فيه سورية أسوأ مراحلها التاريخية. قد يراوغ الأسد ويدخل في مفاوضات إلهاء طويلة لكنه لا يجرؤ حتى على «التواطؤ» في هذه المسألة. كل الطرق مغلقة أمام تغريدة ترمب، إلا في حال فرض ذلك بالقوة والبلطجة السياسية، حينها ستنتقل الأزمة إلى مستويات أكبر في ظل صراع روسي أمريكي في المنطقة ورفض عربي واسع لمثل هذه الخطوة. وفي كل الأحوال مثل هذه الخطوة رصاصة غير حاسمة لكنها تثير ضجة لا أكثر.