لم يستسلم مزارعو البن الخولاني في جبال محافظة الداير بني مالك بمنطقة جازان، للمشقة والمعاناة التي يجدونها للحفاظ على النبتة التي تعد مصدر دخل ثابتا لهم، فهم يواصلون عملهم ليل نهار، في زراعتها رغم شح الإمكانات وقلة الدعم، وما يحفزهم أن مبيعات (البن) هي الأعلى والأغلى عالميا. وأكدوا أن ما يقدم لهم، في مقابل جهودهم لا يكفي لإعادة وهج شجر البن ونموها وتكاثرها، بعد اندثار أغلبها، متسائلين عن الجدوى من زيارة فريق الجمعية السعودية للمحافظة على التراث لمزارعهم، تمهيدا لتسجيل البن الخولاني في اليونيسكو، لافتين إلى أن المشقة التي يجدونها في عملهم، دفع الكثيرين للتوجه لشراء البن المستورد بأقل سعر ودون تكلفة وبلا حراثة وزراعة تنهك صاحبها دون مردود. «عكاظ» صعدت إلى قمم جبال آل قطيل بمحافظة الداير بني مالك، التي ترتفع مزارعها نحو 1200 متر عن سطح البحر، متغلبة على وعورة الطريق الذي يسلكه الأهالي، حيث تكاد سيارات الدفع الرباعي أن تسقط في حفر العقبة، إلى أن وصلت إلى مزارع البن في قمة الجبل، حيث يوجد أكثر من 45 مزارعا و15 ألف شجرة، وبإنتاج يصل إلى طن من البن سنويا، وهو من أكثر المواقع ملاءمة للبن وأعلاها جودة، لكنّ المزارعين يعانون من عوائق عدة. وذكر جبران محمد المالكي، وهو من أكبر المزارعين في المحافظة، أن لديه 5900 شتلة بن، ويمتلك مزرعة نموذجية تعد الأعلى إنتاجا، مشيرا إلى أن معاناتهم تكمن في الطريق المتعثر منذ سنوات، وهو ما وقف حجر عثرة في طريق التنمية في الجبل، وجعل الهجرة مستمرة للمدينة، لافتا إلى أن غالبية الأهالي تركوا منازلهم ومزارعهم هربا من وعورة الطريق، وارتفاع أسعار المياه للزراعة والشرب، إضافة إلى قلة العمالة والدعم. وأوضح أنه استزرع أراضي عدة بجهود ذاتية، وعمل عليها ودفع من حسابه الخاص الكثير في سبيل أن تحافظ المزارع على وهجها، وعدم اندثار شجرة البن، التي تعد شجرة أصيلة وجذورها متأصلة في تاريخ بني مالك منذ القدم. موضحا أن فريق الجمعية السعودية للمحافظة على التراث زاره في منزله ومزرعته من أجل تسجيل الشجرة في اليونيسكو التي أوضح أنه لا يعرف عنها إلا كونها منظمة عالمية تعنى بالتراث غير المادي، متطلعا إلى أن تكون لها إسهامات في التعريف بزراعة البن. وأكد جابر حيان الخالدي أن مزرعته تعتبر من أقدم المزارع في جبال بني مالك، وتحتوي على أكثر شتلات منتجة للبن. مبينا أن زراعة البن متوارثة من الأجداد، لافتا إلى أنهم يتطلعون لمواصلة المسيرة في الحفاظ عليها، مبينا أن الطرق وقفت عائقا أمام وصول الخدمات والسائحين والمهتمين بدعم شجرة البن إلى مواقع المزارع. ويتطلع أن تؤدي الجهات الحكومية دورها -كلا في ما يخصه- من أجل التكامل حتى يستطيع المزارعون المواصلة في زراعة البن، موضحا أنه لا يعرف عن اليونيسكو إلا أنها منظمة عالمية، يأمل المزارعون أن تسهم في خدمتهم، وتنمية إنتاج مزارعهم. وذكر علي يحيى أحمد المالكي أن الحاجة فرضت عليهم زراعة البن منذ القدم، مبينا أن شجرة البن تعني لهم الكثير من حيث الزراعة والدخل المادي، أو حتى زينة وخضرة للمزارع. وأفاد المالكي بأنها شجرة مدللة ومتعبة منذ الزراعة وحتى الحصاد، وتحتاج لعناية وجهد كبير وهو ما يجعل البعض يحجم عن زراعتها وترك القرى الجبلية والذهاب للمدن البعيدة من أجل البحث عن الخدمات بسبب شح المياه وصعوبة الطرق وتكبد العناء والخسارة وانعدام المعدات الزراعية الحديثة وعدم توافرها. مشيرا إلى أنه لم يلتق فريق اليونسكو أثناء وجوده في المحافظة، وإنما سمع عنه، ويتطلع منه إلى الكثير للرفع من معاناتهم.