فيما تنقل أشجار البن في جازان، وتحديداً في جبالها المعانقة للسحاب، أذهان السكان المحليين إلى عبق الماضي، وما تحمله من «أبعاد تراثية»، لا تزال المساعي الحكومية لتشجيع زراعة البن في المنطقة قائمة على قدم وساق، إذ تطمع التدابير الجديدة إلى زيادة إسهامات المنطقة في سوق القهوة بالمملكة، في وقت لا يزيد عدد أشجار البن في جازان على 70 ألف شجرة، تُسهم ب1.4% فقط في سوق البن في البلاد، بحسب إحصائية نشرتها شركة أرامكو التي أعلنت في فبراير الماضي مشروعاً لتشجيع زراعة البن في جبال المنطقة يستفيد منه أكثر من 500 مُزارع. ولم يكن يحلم مزارع البن في منطقة جازان وتحديدا في «الداير بني مالك»، أن تدخل شجرته الضاربة في أعماق تاريخ المنطقة ضمن قائمة التراث العالمي (اليونسكو). وانطلقت جولات للجمعية السعودية للمحافظة على التراث، بدعم من وزارة الثقافة، في المحافظة وجبال جازان لجمع المعلومات عن الشجرة، وإنتاج فلم وثائقي. وبعد اجتماع الجمعية بأكثر من 200 مزارع وتسجيل شهاداتهم حول ما تكتنزه المحافظة من موروث عريق يمتد لآلاف السنين، وما تنتجه الأشجار من 50 طنا سنويا من البن الخولاني. أوضح المدير العام للجمعية السعودية للمحافظة على التراث عبدالرحمن العيدان ل«عكاظ»، أن الهدف من إضافة شجرة البن الخولاني في منطقة جازان لقائمة التراث العالمي (اليونسكو) هو إبراز التراث الحضاري للمملكة، خاصة أن الدول اليوم تفاخر بعدد الملفات المرفوعة لليونسكو. وشدد على أهمية وجود الملفات وعناصر التراث المادي وغير المادي على قائمة اليونسكو، ليسهل الوصول لها والتعريف عليها محليا ودوليا، وتسهل عملية البحث والاطلاع على المستوى الأكاديمي والشعبي وحتى العالمي. وبين أن البعد الاقتصادي مهم للمنطقة ويعيد وهج زراعة البن، مضيفاً «بتكاتف الجهود يزيد الإنتاج ويكون مصدر دخل، ويعود البن كما كان في القدم». من جهته، يرى سلطان حمد الصالح، من الجمعية السعودية للمحافظة على التراث، أن الهدف من زيارتهم لجازان هو تسجيل المهارات والمعارف المرتبطة بالبن الخولاني وتسجيلها في قائمة اليونسكو، الذي سيخدم التوعية بهذا العنصر التراثي على المستويين المحلي والدولي. وأضاف أن مشروع التوثيق يخدم هذا التراث واستدامته على مدى الأجيال، لافتا إلى أن من يحدد أهمية العنصر هو المجتمع المحلي. وتابع «البن الخولاني من التراث غير المادي، لذلك جاء الحرص على ضمه لقائمة التراث غير المادي المحلي أو الدولي في اليونسكو»، مبينا أن أهمية تسجيله تكمن في استدامة هذا العنصر. وأشارت مستشار إدارة المشاريع بالجمعية السعودية للمحافظة على التراث رهاف قصاص ل«عكاظ»، إلى أن الهدف من وضع شجرة البن على قائمة التراث العالمي (اليونسكو) هو «إبراز دور المجتمع في العمل على الموروث الوطني، لأن المزارعين عملوا لسنوات طويلة في البن، وتلك المهارات من الضرورة تسجيلها ليتناقلها الأجيال حتى نحافظ عليها من الاندثار».