تابعت قصة في تفاصيلها كثير من الإنسانية والحرمان والجحود، فلا عجب أن تجتمع هذه المشاعر، فهذا حال البشر، كما هو حال مها التي قررت احتضان طفل من دار الأيتام، بعد محاولات غير موفقة للإنجاب وعلاج العقم، لتحقق حلم الأمومة، وقدمت الأوراق المطلوبة كافة، وتنفيذ الشروط ومنها شرط الرضاعة، وتيسر لها إرضاع الطفل من خلال شقيقتها ليكون محرماً لها، حسب الضوابط الشرعية، ومن هنا تبدأ أحداث القصة، ولحظات السعادة باستلامها الطفل الرضيع «عامر» وهو اسمه، فقد توفي والداه في حادث سير، وتعيش مها مع عامر أجمل أيامها - حسب ما كانت تعتقد هي - قبل أن تفاجأ بخبر حملها من الطبيبة المتابعة لها، بسبب تأثير أدوية الإنجاب، وتبدأ بذلك مها فصلاً جديداً من فصول قصتها ينتهي بإنجابها طفلين توأم «ياسر ويارا»، ليكونا من أفراد عائلتها السعيدة، وتستمر الحياة عند الجميع، إلا عند مها، فهي مشغولة بالبحث عن إجابة لسؤالها المهم: هل عامر يعتبر محرماً شرعياً لطفلتي يارا؟ وكيف يعيشان في بيت واحد؟ وجاء اليوم الذي يصبح عامر في عمر 14 سنة وياسر ويارا في عمر 13 سنة، لتبدأ مها بفصل عامر تدريجياً عن العائلة حسب الضوابط الشرعية، حرصاً على ابنتها يارا وتماشياً مع العادات والتقاليد، حولت سكن عامر إلى الملحق، ومع محاولات التهميش المستمرة نسيت أنها بالأمس، كانت تبحث عن طفل واليوم هي بيدها من تتخلى عنه!، هذه الحالة ليست الأولى في مجتمعنا ولن تكون الأخيرة. عند الحديث عن تربية اليتيم في بيت أسري فهي أفضل من وجوده في دار الرعاية، وذلك لضمان الأمان النفسي والاجتماعي والأسري للطفل وذلك ليس قصوراً في الدار وإنما الاختيار الأفضل للطفل. وتربية اليتيم من خلال الأم البديلة، فكرة تعتمد في مضمونها على أن ترضع الأم الطفل اليتيم، ليصبح طفلها بالرضاعة، وحسب الضوابط الشرعية له كافة الحقوق عدا الميراث، ولا يحمل لقب العائلة، ليعيش الطفل اليتيم حياة كاملة مع الأسرة دون وجود أي عوائق، ومع الضمانات كافة التي تضمن للطفل عدم تخلي الأسرة عنه تحت أي ظرف، ويتساءل البعض عن حالات لا يتحقق فيها شرط الإرضاع، وفي مثل هذه الحالة، فإنه يجوز شرعاً اللجوء للمساعدة الطبية في إدرار اللبن لتتمكن الأم من إرضاع الطفل بشكل سليم، وتعد تجربة الأم البديلة أحد الحلول الموجودة لدينا، ولها شروطها ونظامها المعمول به، يعتقد البعض أن نظام الأم البديلة غريب أو معقد، وسبب ذلك أن الإعلام لم يسلط الضوء على مثل هذه القضايا التي تهم فئة غالية علينا، الدولة قدمت الكثير في مجال رعاية الأيتام، وأرجو تفعيل المسؤولية الاجتماعية من خلال الأفراد تجاه الأيتام، وتفعيل تجربة الأم البديلة بشكل يدمج اليتيم في المجتمع بطريقة صحيحة وسليمة دون أي عقد نفسية. [email protected]