في عام 2011 أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً يدعو الدول الأعضاء إلى التعرف على مقدار السعادة لدى شعوبها من خلال خلق مؤشرات قياس معتمدة والعمل على توجيه سياستها العامة تبعا لذلك. وفي عام 2012 عقد الاجتماع الأول للأمم المتحدة تحت عنوان «السعادة والرفاه: تحديد نموذج اقتصادي جديد» وفي نفس العام صدر تقرير السعادة العالمي كنص أساسي لافتا أنظار العالم كونه أول مسح عالمي عن السعادة على مستوى العالم. ظل هذا التقرير يصدر سنويا وينقح من حيث المعايير والأوزان النسبية لعوامل السعادة، والتي ترسخت في التقرير الأخير (2018) في جملة من العوامل الأساسية ومن بينها الحالة النفسية للسكان، معدل طول أعمارهم، حرية اتخاذ القرار الفردي، الدعم الاجتماعي، معدل الصحة العامة، متوسط الفرد من الناتج المحلي، نسبة انتشار الفساد في البلاد، ومنذ ذلك الوقت تباينت مواقف الدول في مدى تبنيها لمثل هذه التوجهات والمؤشرات الدولية، أو خلق مؤشرات محلية، بالقدر الذي تباينت في إقامة مؤسسات أو هيئات أو وزارات تقوم بهذا الدور حسب توصية الأممالمتحدة ! في المملكة ورغم دخول مصطلح جودة الحياة لأول مرة على الخط من قبل مجلس الاقتصاد والتنمية إلا أني لا أعرف برنامجا وطنيا أو جمعية أو منظمة أو هيئة محلية تعنى بقياس هذا الجانب والعمل على تطوير أدواته وآلياته، فيما هناك من يرى بأن مثل هذه المؤشرات هو ترف لا طائل من ورائه وتقليد لمؤشرات غربية، وإن كنت أتمنى تسميته بمؤشر الرفاه الاجتماعي كمدخل نحو السعادة، لأن كل العوامل الداخلة في تركيبته تتعلق بالرفاه العام خلاف أن الرفاه الاجتماعي مصطلح عام والسعادة في أدبياتنا مصطلح خاص. من يطلع على التقرير الدولي الأخير عن السعادة العامة الذي نشرته شبكة التنمية المستدامة التابعة للامم المتحدة قبل أيام، يلاحظ أن الدول الأربع الأولى شبه ثابتة ولا تتغير سنوياً وهو ما يوضح ثبات المعايير، كفنلدا، والنرويج، والدنمارك، وأيسلندا، إضافة إلى أن بقية الدول الست المكملة للعشر الأولى شبه ثابتة هي الأخرى وإن كان تبادلا سنويا في المراكز فقط. أما أكثر عشر دول تعاسةً في القائمة فهي إما دول أفريقية وهي الأغلبية، أو عربية وهي الأقلية (دولة واحدة جاءت من خارج هذا المحيط)، وإذا سألتم عن الدول العربية، فالمملكة تقع في مركز متقدم (الثالث) متفوقة بذلك على الكويت ولبنان والبحرين وبقية الدول العربية، فقط نحتاج اليوم من خلال برنامج وطني ل«ترصيص» أدوات وعوامل هذا المؤشر، وخلق مؤشر وطني لجمع خيوط هذه الثقافة وتكوين مرجعية وطنية تهتم برفاه وسعادة الإنسان وعمل الدراسات والبحوث المتصلة بها.