أسوأ شيء يعكر صفو السعادة عند الإنسان الاكتئاب والقلق المرضي، فكلاهما يجعلان الإنسان في حالة من اليأس والخوف وعدم الشعور بطعم الحياة، ويصبح الفرد ينظر إلى الأمور نظرة تشاؤم وقلق وتوقعات سلبية للحاضر والمستقبل. في العام 2011م أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً يدعو دول الأعضاء إلى قياس مقدار السعادة لدى شعوبها للمساعدة في توجيه سياستها العامة، وعقد في أبريل من العام الذي تلاه اجتماع رفيع المستوى حول السعادة والرفاه، وكان هذا التوجيه الجديد نقلة نوعية في مفهوم الحياة من قبل الدول، والذي على أساسه يجب على الدول عندما تضع خططها وتوجهاتها وسياستها الداخلية أن تأخذ ذلك المفهوم بجدية وبعين الاعتبار، حيث اعتبرت الحالة النفسية لأي مجتمع هي المحرك الأساسي للإنتاجية والاقتصاد، ومنذ ذلك الوقت وتقارير السعادة العالمية تصدر سنوياً لتشمل أكثر من (150) دولة، يتم قياس السعادة والرفاه فيها عن طريق العديد من المعايير، منها نصيب الفرد من الناتج المحلي، ومتوسط العمر الذي يعني جودة الحياة والصحة وطريقة عيش الناس الصحية والحرية، والتي تعني تمتع كل فرد بحقوقه الأصيلة كإنسان له حقوق وعليه واجبات، وعدم التمييز العنصري بين الجنسين، وكل أشكال التمييز العنصري الأخرى، وحق الإنسان في اختيار الطريقة التي يعيش بها مادامت في حدود الأخلاقيات والحقوق الخاصة ولا تتعدى على حقوق الآخرين، بالإضافة إلى سخاء الدولة على مواطنيها وجميع أشكال الدعم الاجتماعي وغياب الفساد. وفي تقرير العام 2017م صدر تقرير السعادة، وقد خلا التقرير في قائمة العشر من الدول العربية، وكانت الدول الأكثر سعادة هي النرويج والعاشرة السويد، وكذلك صدرت قائمة أخرى وتصدرتها اليمن والعاشرة جمهورية أفريقيا الوسطى كأتعس دولة، وكان نصيب دولتين عربيتين مقابل ثماني دول أفريقية الأكثر تعاسة حسب معايير السعادة والرفاه. المهم في الموضوع هل السعادة مسؤولية الدول فقط، وبالتالي الناس ينتظرون ماذا يقدم لهم من سعادة من دولهم على طبق من ذهب دون أن يكون لهم دور أو مسؤولية فردية في أحداث وبث روح السعادة؟.. من أهم تعاريف السعادة البحث عن السعادة في كل شيء في الحياة ومن دون تحديد أو تركيز أو تمحور أو قيمة عالية، وأول طرق تحقيق السعادة أن تعرف ماذا تريد، وحتى تعرف ماذا تريد فلابد أن تعرف ما أهدافك اليومية والأسبوعية والشهرية والسنوية والاستراتيجية، وهل أهدافنا عندما نتحدث عنها أو نكتبها هي أهداف قابلة للتطبيق أم مجرد أمانٍ وشعارات وأحلام؟ ناهيك عن أن تنوع الأهداف القابلة للتطبيق بأسهل الطرق تحدث فرقاً جوهرياً على صحتنا النفسية والجسدية، وبالتالي المزيد من تحقيق الذات والرضا والتوازن والتفاؤل والثقة بالنفس.. وعلى ضوء ذلك يستطيع الإنسان مواجهة محبطات الحياة التي تذهب بنا للاكتئاب، وأيضاً التعامل مع المخاوف بعقل ومنطق وسلوك إيجابي. وأخيراً فالقناعة من أهم مقومات السعادة، ومقارنة الشخص نفسه بالآخرين قد تؤدي للإحباط، فليس أحد أفضل منك، ولست أفضل من غيرك. Your browser does not support the video tag.