العلاقة التي تربط أهالي عروس البحر الأحمر بالمطر علاقة مختلفة، فهم يستبشرون بقدومه ويترقبونه كلما تأخر، رغم ما يحمله لهم من أضرار وأحياناً مآسٍ، وعشنا خلال الفترة الماضية، وما زلنا نعيش حتى اللحظة التقلبات الجوية، وأحدث ذلك جدلاً واسعاً بين عدد من المجتهدين الذين لديهم اهتمامات بالطقس، وتوقعاتهم بهطول الأمطار، التي يبثونها عبر وسائل التواصل المختلفة، وبين المسؤولين في هيئة الأرصاد وحماية البيئة الذين دائماً ما يحذرون من الانسياق وراء توقعات غير المختصين، مطالبين باستقاء المعلومات عن الجو من هيئة الأرصاد، تلك الجهة الحكومية المخولة رسمياً بتحاليل الطقس وتوقعات الأمطار. ما دعاني لكتابة هذه المقالة هو الجدل القائم بين هواة الطقس وهيئة الأرصاد، وهو حديث الساعة وتشهده الساحة الإعلامية كلما اقترب موعد التقلبات المناخية، وهو جدل ليس وليد الصدفة بل امتد سنين ولكنه لم يأخذ طابع الجدية، إلا خلال فترة وجيزة قريبة، فأنا لست ضد هواة الطقس واجتهاداتهم ولكنني ضد كل ما يثير البلبلة والذعر والخوف بنشر أخبار غير صحيحة، فأخبار الأمطار -كما هو معروف- مرتبطة بإجراءات أخرى حاسمة مثل تعليق الدراسة، السفر، تأجيل المناسبات، وكل هذه المعطيات قد تنتج عن أخبار غير دقيقة ولا تستند إلى جهة رسمية. وسعدت جداً بالخبر الذي نشرته وسائل الإعلام قبل أيام ومفاده أن خمس جهات حكومية وهي وزارات الإعلام، التعليم، الاتصالات وتقنية المعلومات، والداخلية ممثلة في الدفاع المدني، وهيئة الأرصاد وحماية البيئة، عقدت اجتماعها الأول لوضع آلية التصدي للشائعات الأرصادية عبر المواقع الإلكترونية والحسابات في منصات التواصل الاجتماعي التي تؤدي إلى التشويش الذي يتعرض له الجمهور في تلقيه للمعلومات الأرصادية من قبل بعض الحسابات التي تنشر معلومات مغلوطة، وتدلي بقراءات غير علمية للظواهر الجوية على المملكة، واتفق المجتمعون على آلية عمل تشمل التنظيم من خلال الاستفادة من القوانين والتشريعات للجهات، وتم تنفيذ فريق تنفيذي من الجهات المختصة لوضع خطة عمل تساهم في الحد من هذه الظاهرة وتحقيق الهدف المنشود لوصول معلومات الطقس للمجتمع من مصدرها الرسمي. ويظل السؤال قائماً هل تنجح الجهات الخمس في مواجهة مروجي الشائعات؟ وخصوصاً أن الأرصاد شرعت بالتنسيق مع النيابة العامة لمقاضاة مروجيها لإخلالهم بالنظام العام وترويعهم المواطنين، وإرباكهم الجهات المختصة، وخصوصاً ما يتم نشره من المعلومات المناخية تكون غير دقيقة وتفتقر إلى الجانب العلمي والتخصصي مما يحدث تضارباً في نقل المعلومات والتشويش. كل ما أرجوه أن يجري التشهير بمروجي الشائعات وإعلان العقوبة حتى تنتهي المهزلة، ولا يكون هناك عامل تشجيع للآخرين في ترويج معلومات غير صحيحة، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، التي أصبحت تنقل الأخبار الصحيحة والكاذبة بسرعة البرق وبضغطة زر. [email protected]