كان الشعر الشعبي هو الثقافة السائدة ولعدة قرون؛ إذ هو الثقافة والإعلام والإعلان، إلا أنه لم يكن يتجاوز نشره محيط الجزيرة العربية فكان يصعب على غير أهلها تذوقه وفهمه واستساغة أدبياته وفنونه فضلا عن معرفة رواده ومبدعيه. أدى تطور التعليم في المملكة العربية السعودية وانتشار الثقافة منذ بدء تأسيس هذا الوطن إلى نشوء جيل جديد يتذوق الشعر العربي الفصيح، ويحب ما تلقّاه من الإرث الشعري العربي الفصيح العظيم بدءا من العصر الجاهلي وما تلاه من العصور حتى القرن الماضي، والذي ظهر فيه عباقرة الشعر العربي للعصر الحديث يتقدمهم أحمد شوقي ومن جيله كوكبة من فرسان الشعر العربي أمثال حافظ إبراهيم وإيليا أبو ماضي ومعروف الرصافي وأعداد كبيرة من مختلف أقطار الوطن العربي تبعهم جيل من المبدعين من أمثال نزار قباني. توافق هذا الزخم الأدبي العربي مع تطور هائل في وسائل النشر الثقافي كالبث الإذاعي والنشر المطبوع من صحف ومجلات ودوريات وكتب إضافة الى ابتعاث العديد من الطلاب السعوديين للدراسة ولاسيما في مصر ولبنان، أدى ذلك إلى تدفق ثقافي عربي عارم كاد يؤدي إلى تهميش الشعر العربي في المملكة العربية السعودية. ظهرت عدة مواهب شعرية كتطور طبيعي في المملكة العربية السعودية إلا أن المسؤولية والتحديات كبيرة لتستقيم هذه المواهب وتكون ذات إطلالة سامقة بين قامات الشعراء العرب؛ فكان الرواد يتقدمهم الأمير عبدالله الفيصل ورفقاؤه من مواهب متوقدة أمثال حمزة شحاتة وأحمد قنديل وسعد البواردي وابن إدريس ومحمد حسن فقي وغازي القصيبي ويتبعهم مواهب تتلوها مواهب أثبتوا قِدم السعوديين شعرا في مصاف أساطين الشعر العربي. إذا فعندما أعلن الأمير خالد الفيصل عن موافقة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بإطلاق جائزة الأمير عبدالله الفيصل للشعر العربي فإن ذلك يعد تكريسا لعمق العرفان والتقدير لأولئك الرواد ولتمتد أيديهم مشاركة لمناولة الشهادات للفائزين ليتسنموا المسؤولية ومن ثم جيل من بعد جيل.