«الإحصاء»: إيرادات «غير الربحي» بلغت 54.4 مليار ريال ل 2023    اختتام اعمال الدورة 44 لمجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب في البحرين    مدرب قطر يُبرر الاعتماد على الشباب    وفد عراقي في دمشق.. وعملية عسكرية في طرطوس لملاحقة فلول الأسد    مجلس التعاون الخليجي يدعو لاحترام سيادة سوريا واستقرار لبنان    المملكة رئيساً للمنظمة العربية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة «الأرابوساي»    الجمعية العمومية لاتحاد كأس الخليج العربي تعتمد استضافة السعودية لخليجي27    وزير الشؤون الإسلامية يلتقي كبار ضيوف برنامج خادم الحرمين الشريفين للعمرة والزيارة    تدخل جراحي عاجل ينقذ مريضاً من شلل دائم في عنيزة    وزير الخارجية يصل الكويت للمشاركة في الاجتماع الاستثنائي ال (46) للمجلس الوزاري لمجلس التعاون    استخدام الجوال يتصدّر مسببات الحوادث المرورية بمنطقة تبوك    الذهب يرتفع بفضل ضعف الدولار والاضطرابات الجيوسياسية    استمرار هطول أمطار رعدية على عدد من مناطق المملكة    استشهاد خمسة صحفيين في غارة إسرائيلية وسط قطاع غزة    الفكر الإبداعي يقود الذكاء الاصطناعي    الحمدان: «الأخضر دايماً راسه مرفوع»    المملكة ترحب بالعالم    رينارد: مواجهة اليمن صعبة وغريبة    وطن الأفراح    حملة «إغاثة غزة» تتجاوز 703 ملايين ريال    "الثقافة" تطلق أربع خدمات جديدة في منصة الابتعاث الثقافي    "الثقافة" و"الأوقاف" توقعان مذكرة تفاهم في المجالات ذات الاهتمام المشترك    أهازيج أهالي العلا تعلن مربعانية الشتاء    حلاوةُ ولاةِ الأمر    بلادنا تودع ابنها البار الشيخ عبدالله العلي النعيم    شرائح المستقبل واستعادة القدرات المفقودة    الأبعاد التاريخية والثقافية للإبل في معرض «الإبل جواهر حية»    أمير نجران يواسي أسرة ابن نمشان    63% من المعتمرين يفضلون التسوق بالمدينة المنورة    منع تسويق 1.9 طن مواد غذائية فاسدة في جدة    نجران: «الإسعاف الجوي» ينقل مصاباً بحادث انقلاب في «سلطانة»    العناكب وسرطان البحر.. تعالج سرطان الجلد    الزهراني وبن غله يحتفلان بزواج وليد    الدرعان يُتوَّج بجائزة العمل التطوعي    أسرتا ناجي والعمري تحتفلان بزفاف المهندس محمود    فرضية الطائرة وجاهزية المطار !    ما هكذا تورد الإبل يا سعد    واتساب تطلق ميزة مسح المستندات لهواتف آيفون    «كانسيلو وكيسيه» ينافسان على أفضل هدف في النخبة الآسيوية    في المرحلة ال 18 من الدوري الإنجليزي «بوكسينغ داي».. ليفربول للابتعاد بالصدارة.. وسيتي ويونايتد لتخطي الأزمة    تدشين "دجِيرَة البركة" للكاتب حلواني    مسابقة المهارات    إطلاق النسخة الثانية من برنامج «جيل الأدب»    نقوش ميدان عام تؤصل لقرية أثرية بالأحساء    لمن لا يحب كرة القدم" كأس العالم 2034″    المأمول من بعثاتنا الدبلوماسية    أفراحنا إلى أين؟    آل الشيخ يلتقي ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة    %91 غير مصابين بالقلق    اطلاع قطاع الأعمال على الفرص المتاحة بمنطقة المدينة    الصادرات غير النفطية للمملكة ترتفع بنسبة 12.7 % في أكتوبر    اكتشاف سناجب «آكلة للحوم»    دور العلوم والتكنولوجيا في الحد من الضرر    خادم الحرمين وولي العهد يعزّيان رئيس أذربيجان في ضحايا حادث تحطم الطائرة    منتجع شرعان.. أيقونة سياحية في قلب العلا تحت إشراف ولي العهد    مفوض الإفتاء بجازان: "التعليم مسؤولية توجيه الأفكار نحو العقيدة الصحيحة وحماية المجتمع من الفكر الدخيل"    نائب أمير منطقة مكة يطلع على الأعمال والمشاريع التطويرية    إطلاق 66 كائناً مهدداً بالانقراض في محمية الملك خالد الملكية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القصيدة النبطية تجاوزت المكان وواكبت الزمن لغة وأسلوباً وثقافة . "الوسط" تفتح ملف الشعر الشعبي في السعودية والخليج ما زال يحتل المنابر ويستميل القلوب فمتى تفتح له أبواب الجامعة ؟ 1 من 2
نشر في الحياة يوم 23 - 10 - 2000

يتمتّع الشعر النبطي، أو الشعر الشعبي كما يفضّل بعض المبدعين والنقّاد، في المملكة العربيّة السعوديّة تسميته، بمكانة واسعة في ضمير الجماعة ووجدان القرّاء وذوق الجمهور العريض. وهذه الظاهرة تستحقّ الاهتمام لأكثر من سبب، أوّلها تجذّر هذا الشكل التعبيري المرتبط بالتقاليد الشفويّة العربيّة في الجزيرة العربيّة، في تربته الاجتماعيّة والثقافيّة والحضاريّة، وقدرته على الاستمرار والتواصل منذ ثمانية قرون، بقي خلالها المرآة العاكسة لثقافة المجتمع. فالقصيدة النبطيّة تنطلق من واقع الشعب، ومن المعروف أنه كلما كان المجتمع على قدر من النضج والوعي والثقافة، كان الشعر كذلك والعكس بالعكس. وقد بلغ الشعر النبطي اليوم "مرحلة متقدمة من النضج والترقي"، بتعبير الأمير خالد الفيصل، وحان وقت اعادات النظر وجردات الحساب. فما سرّ شعبيّة هذا الاتجاه التعبيري؟ وكيف نحصره ونسمّيه؟ وما الأسئلة والتحديات التي يطرحها على الشعر والشعراء، أكانوا ينتمون إلى المنحى العامي تحديداً، أو القصيدة الفصحى بشكل عام؟ "الوسط" طرحت مجموعة من الأسئلة على مبدعين ونقّاد بارزين، فكان هذا الملفّ الذي ننشره على حلقتين.
يحتل الشعر النبطي في المملكة العربية السعودية والخليج موقعاً مهماً لدى الجماهير. فهو متنفس الشعراء، والمجال الأرحب لطرح قضاياهم الذاتية والاجتماعية كما انه نافدة جميلة تطل على الوجدان الثقافي والسياسي في كثير من حالاته، ولذلك يمثل هذا النوع من التعبير واجهة ثقافية وحضارية لهذه البيئة التي ما زالت تتشرب من نبع تراثي غني. ويشهد هذا الشعر تحولات جديدة وجدالاً حقيقياً في الأوساط الشعرية والنقدية كما يعاد، بين حين وآخر، طرح عدد من الإشكاليات حول المصطلح والمفهوم ومدى مواكبة هذا اللون من الشعر للعصر وثقافته.
قصدت "الوسط" الأمير الشاعر خالد الفيصل، والأمير الشاعر بدر بن عبد المحسن، والباحث والعلامة الشيخ عبدالله بن خميس، والدكتور سعد البازعي أستاذ النقد في جامعة الملك سعود، والدكتور سعد الصويان الباحث المعروف وعضو هئية التدريس في جامعة الملك سعود، والدكتور مرزوق بن صنيتان بن تنباك عضو هيئة التدريس في جامعة الملك سعود، والشاعر محمد دخيل العصيمي الباحث في مجال الشعر الشعبي، والشاعر خضر البراق معدّ صفحات شعبيّة، والشاعر راشد بن جعيثين معدّ صفحات شعبيّة، للوقوف على آرائهم التي تحقق على تضاربها ديناميّة المشهد الشعري السعودي، وتحديداً في مجال الشعر النبطي أو الشعبي.
التساؤل الحائر
في فاتحة القول كان الحديث عن تسمية هذا اللون من الشعر بالنبطي إذ تشكل التسمية إشكالية في الأوساط الشعرية. فهل هو النبطي أم هو الشعبي أم هو العامي أم هو الدارج؟
للأمير الشاعر خالد الفيصل رؤية عميقة في هذا المجال، فهو يرفض تسميته بالشعر النبطي ويطرح رأيه بكل صراحة ووضوح، ويلجأ إلى الاستدلال لترجيح رأيه.
يقول الشاعر خالد الفيصل : "لقد وصل شعرنا هذا إلى مرحلة متقدمة من النضج والترقي، وحري بنا أن نخلع عنه المسمى الذي طالما التصق به، زوراً، ونحن على ذلك سكوت، بل ولقد ساهمنا نحن في تكريس تسميته بالشعر النبطي، على الرغم من أن كل مبررات هذه التسمية باطلة، وعن الحقيقة عارية. فلا هو مستنبط، ولا هو بلغة الأنباط، ولا هو بلسان المستعربين، ولا ينطبق عليه شيء مما قالت به". ويخلص الأمير الشاعر إلى نتيجة مفادها أنْ ينسب إلى إحدى الصفتين المحلي أو الشعبي، فيقول: "إذا كان هذا الشعر يتشح برداء المحلية أو الشعبية، فالصحيح أن ينسب لأي من الصفتين، فيقال عنه الشعر "المحلي" أو "الشعبي"، كما يطلق على نظيره في كل الأمم. ويغيب بذلك إلى الأبد التساؤل الحائر : لماذا فقط لدى السعوديين والخليجيين، دون سواهم من العرب، يسمى هذا الشعر بالنبطي ؟
أما الأمير بدر بن عبد المحسن، فلا يستسيغ هو الآخر تسمية النبطي ويفضل عليها مصطلح "الشعر المحكي" أو "العامي" في الجزيرة العربية.
ويتفق الشيخ عبدالله بن خميس مع الأمير خالد الفيصل في تسميته بالشعر الشعبي، لأنه منطلق من واقع الشعب، أياً كان هذا الواقع، ويقول : "لقد وردت التسمية حسبما يراه المسمون، ولا مشاحة أو ضرر... ولا أثر بكل مسمى من تلك التسميات في واقع هذا الشعر".
ويشارك الشاعر خضير البراق الأمير خالد الفيصل والشيخ ابن خميس في تفضيل تسمية "الشعر الشعبي"، على الرغم من بروز "أشكال ونماذج أخرى تنطبق عليها هذه التسمية، مثل الأغاني والكتابات التفعيلية التي يمكن تسميتها شعبية بحكم اعتمادها على اللهجة المحكية، كما هو الحال بالنسبة إلى الشعر الشعبي" حسب رأيه.
ويرى الشاعر البراق أن لهذا الابداع "مقوماته وشروطه وقواعده التي ترتقي به إلى مسمى "شعر". وهو بطبيعة الحال مستنبط من صنوه الفصيح، ولذلك أطلق عليه "النبطي"، أما تسميات الدارج والعامي، فهي في مفهومها لا تعني سوى "الشعبي"، ولذلك فهو الشعر الشعبي. علماً بأن التسمية ليست ذات أهمية قصوى، خصوصاً وأن شخصية هذا اللون الشعري قد ترسخت وتشكلت منذ أمد بعيد، ولم يعد بحاجة إلى أي جهد لإثبات ذلك من خلال هذه التسمية أو تلك".
ويرى الدكتور سعد البازعي أنه "لا أمل في التوصل إلى حل في موضوع أصل التسمية. ولكن من الضروري توضيح اللغة الموظفة، وصولاً إلى حد أدنى من الوضوح، من ناحية، ولأن توضيح المصطلح يشكل مدخلاً مناسباً - من ناحية أخرى - للقضية".
ويحدد البازعي موقعه من هذه القضية التي يرى أن الجدال فيها لن يؤدي إلى نتيجة. فهو يرى"أن مصطلح الشعر النبطي أقرب إلى الدلالة على لون من ألوان النظم الشعري، شاع في اللهجات العامية، في بعض مناطق الجزيرة العربية، لا سيما الوسط والشرق والشمال، في فترة بدأت في القرن السابع الهجري الثاني عشر الميلادي تقريباً، واستمرّت حتى الآن"، حسب تحديد الدكتور سعد الصويان، وهو في طليعة المختصين في هذا الشأن، كما هو معروف.
اوزان واشكال
ويضيف البازعي أن الشعر النبطي، بهذا المعنى، "شعر نظمته البادية والحاضرة في المناطق المشار إليها، بأوزان وأشكال محددة، ما تزال في اعتقادي بحاجة إلى المزيد من البحث والاستقصاء. لكن المهم هنا أن الشعر النبطي، بهذا التحديد الجغرافي التاريخي، مختلف عما يمكن أن نسميه "الشعر الشعبي" أو "العامي"، وهي تسميات تستعمل أحياناً للدلالة على كل ما كتب بالعامية، ما يجعلها أشمل، وبالتالي أجدر بأن لا نخلط بينها وبين الشعر النبطي بوصفه شكلاً فرعياً مستقلاً وإن تضخم موروثه".
أما الشعر الشعبي أو العامي، فهو كل شعر نظم بلهجة عربية عامية شائعة الاستعمال بغض النظر عن مكان نظمه. فهناك مثلاً شعر شعبي في الحجاز، وفي الخليج واليمن، كما في لبنان ومصر وغيرهما، يختلف كثيراً عن الشعر النبطي. فهذه كلها أشكال من التعبير الشعبي بالعاميات لكنها مختلفة عن الشعر النبطي، وإن كان الاختلاف نسبياً لا مطلقاً".
ويستدرك البازعي: "السؤال المطروح ينطلق من قناعة ضمنية مغايرة، كما هو واضح، إذ يفترض أن ما ينشر اليوم من شعر في السعودية ودول الخليج هو في مجموعه شعر نبطي، وهذا غير صحيح، لأن ثمة اختلافات مهمة في التراكيب والأوزان تفرق بين نبطي وغيره. فالسؤال في تصوري هو عن الشعر المكتوب بالعامية، أو ما يعرف بالشعر الشعبي. لأنني لو حصرت الإجابة في النبطي حسب تعريفي إياه لأغفلت بعض عناصر الموضوع وتجاهلت شعراً كثيراً".
أما الباحث الدكتور سعد الصويان، فيستند إلى موضوع العرف في إطلاق التسمية، فهو يفضل تسميته بالنبطي، لأن "هذا هو الاسم الذي إذا قلته فلن ينصرف الذهن إلى أي شيء غير هذا اللون الشعري". إلا أنه يرى صحة تسميته بالشعبي، لكنها، حسب رأيه فضفاضة، تنسحب على أي شعر يقال باللغة العامية في أي قطر عربي. لكن إذا قيل شعر نبطي فإن المقصود بالتحديد هو شعر الجزيرة العربية الذي يقال بالعامية.
في حين يدخل الدكتور مرزوق بن تنباك في النقاش بهجوم عنيف يبدأه بطرح رأيه في التسمية، ثم ينسحب إلى أصل التسمية فيهاجم هذا اللون من الشعر فيقول :
"الاسم وصف في بعض الأحيان، وأظن ما يصدق وصفه على الشعر العامي هو النبطي، لأنه لغة قوم ينسب إليهم كل قول غير واضح ولا مفهوم. فسمي ما لم يكن فصيحاً من القول بالنبطي تشبيهاً له بكلام الأنباط، وهم جنس غير العرب، تحتقرهم العرب في اللغة والصناعة وقد قال عمر للعرب : "لا تكونوا كأنباط العراق"، محذراً من التشبه، بهم وبلغتهم. والنبطي يوصف به الشعر العامي في شمال الجزيرة. أما الأشعار العامية في غير الشمال فلها تسميات كثيرة، والجامع لكل كلام غير فصيح هو الكلام العامي سواء أكان شعراً أم نثراً".
ويطرح الشاعر محمد دخيل العصيمي رؤيته في سياق مغاير لكل الاراء، فيرى أن "الاجتهادات اختلفت في تعريف الشعر الذي يتخاطب به الناس. ولا يوجد أي دليل على أنه نبطي. فهذه تسميه خليجية اعتمدت على التواتر من دون أثبات الأصل العلمي للتسمية وتوثيق هذه التسمية، أما شعبي وعامي فهي اجتهادات حاول عدد من الباحثين إحلالها محل النبطي عندما لم يجدوا أصلاً لتسمية "النبطي"، وأقرب تسمية لهذا الشعر هي "العامي" لأنه كلمات عامية ينظمها الأمي والمثقف. أما كلمة دارج فلم اسمع بها إلا قليلاً، والدراج في اللغة الذي لا بقية له".
أما الشاعر راشد بن جعيثن فلا يلقي بالاً إلى التسمية، ولكنه يشير إلى أن الذائع منه يسمى شعبياً، أو شعر اللهجة الدراجة، لأن التسمية في رأيه لم تعد تحمل هموم أنصاره، فهو إبداع وفن قائم بذاته. أما الهمّ الحقيقي، برأيه، فينصبّ في "ايجاد كرسي جامعي لهذا الأدب".
تأثير الروّاد
وواقع القول إن أشكالية المصطلح تشكل أهمية بالغة في هذا اللون من الشعر، لذلك نترك الباب موارباً في هذا الجانب. لكننا نطرق جانباً أكثر أهمية من المصطلح، وهو مواكبته للعصر وأدواته وقدرته على القيام بجانب من دور الشعر الفصيح.
الأمير خالد الفيصل يرى أن هذا الشعر يشهد الآن عصره الذهبي بفضل حركة التجديد التي حمل لواءها الأمير عبد الله الفيصل والأمير سعود بن محمد آل سعود والأمير محمد السديري، والشاعر الراحل عبدالله لويحان، والشاعر الكبير أحمد الناصر، ثم لم يلبث أن لحق بهم الأمير بدر بن عبد المحسن.
يقول الأمير خالد الفيصل : "إن كل شعر شعبي "جيد" ظهر على الساحة تأثر بهؤلاء الرواد تأثراً بعيداً، وإليهم يرجع الفضل في تحرير المنابر له، واستمالة القلوب إلى ميدانه، واستحداث الصور والأخيلة المبتكرة فيه، ومن الحق أن نسجل لهم بكل التقدير دورهم الكبير في ترقية هذا الفن المعبر عن وجدان الأمة، واثر مدرستهم في تنشئة جيل من الشعراء يقتفي أثرهم في التجديد والارتقاء. وقد شهد مشاهير الباحثين - من خارج البلاد - بأن الشعر الشعبي في الجزيرة العربية أعانهم كثيراً على فهم الشعر الجاهلي الذي هو الأب الشرعي للفصاحة، قال بهذا الدكتور طه حسين قبل عقود من الزمان، وكرر المقولة أخيراً أكثر من باحث رصين في اللغة والتراث".
ويضيف الأمير خالد الفيصل: "من الطريف في هذا السياق أن الدكتور حسين نصار صاحب "المعجم العربي"، والعميد السابق لكلية الآداب في جامعة القاهرة، بعدما حضر أمسية ختام "مهرجان الجنادرية" هذا العام، صرح بأنه فهم القصائد كلها رغم مفرداتها المحلية، معللاً ذلك بأن شاعر الأمسية ربما اختار ما يسهل فهمه على أهل البلاد من الحضور. الأمر الذي لم يرد في حساباتي عند الإعداد للأمسية التي كان ضابطها الوحيد موضوع "الوطن" من دون النظر إلى عامل المفردة من حيث الوضوح والإبهام. ولعل الدكتور نصار، وهو من كبار المشتغلين بالفصحى، يؤكد بشهادته هذه العلاقة القوية بين الشعر العربي الفصيح وبين الشعر الشعبي السعودي".
المستقبل للفصحى ولكن...
فيما يعتقد الأمير بدر بن عبد المحسن أنه "ليس هناك شعر يواكب العصر، بل أن الشاعر هو الذي يفعل ذلك بأي لغة أو لهجة يختار. والشعر النبطي مثله مثل غيره من الشعر، لو لم يكن له شعراء يحاكون العصر ويتفاعلون معه لما حقق النجاح والانتشار. والثقافة في كل عصر كانت ولا تزال عاملاً أساسياً في بروز الشعر والشعراء، وتجلي إبداعاتهم. وشعراء "النبطي" لا بد أن لهم نصيباً من الثقافة والأسلوب المناسب، لتحقيق النجاح والانتشار".
ويستدرك الأمير بدر: "تبقى اللغة، وهي بالفعل عامل يحد من انتشار الشعر العامي أو المحكي في غير موطنه، ولكن الشعر يكتب بكل لغات ولهجات العالم، والجيد منه من المفيد أن يصل إلى القارئ، ولو عن طريق الترجمة لو أحتاج الأمر. وعندما تندثر لغة ما، لابد أن يختفي الشعر الذي يقال بتلك اللغة، فهل اللغة العربية الفصحى مهددة بالاندثار ؟ لدينا في الجزيرة العربية ملايين الطلبة يذهبون إلى المدارس كل يوم ليتعلموا اللغة العربية وليس "النبطية"، والشعر النبطي لا يمكن بأي حال أن يحل مكان الشعر العربي الفصيح في الجزيرة العربية. الشعر "النبطي" قديم ومؤثر في أجيال سبقتنا، ولم يشكل تهديداً للغة العربية في السابق، حين لم تكن هناك مدرسة واحدة، فكيف يهدد الفصحى وآلاف المدارس موجودة الآن؟ المستقبل كله للفصحى، بشرط أن يقدر لها شاعر أو شعراء من الناس وليس من كوكب آخر، فالكثيرون لدينا يفهمون الفصحى ويشعرون بها ويتفاعلون معها أكثر من أي لغة في الدنيا، ولكنهم لا يفهمون ولا يتفاعلون مع شعراء الفصحى في الوقت الحاضر،فهل يقلع العالم كله عن كتابة الشعر حتى يظهر ذلك الشاعر الذي يعيد للشعر الفصيح بريقه وشعبيته ؟ إن المسؤولين عن هدم الشعر الفصيح لو سلمنا بوجود مثل ذلك الخطر هم شعراء الفصحى لا شعراء النبطي".
ويربط الشيخ أبن خميس بين بقاء هذا الشعر وتفاعله مع واقع الأمة. فقد "مضى على هذا اللون من الإبداع ثمانية قرون متتالية، وهذا يعنى أنه يرمي إلى واقع ملموس وأثر فعال ومكان أسمى وأعلى. فهو يخدم واقع هذه الأمة ويخدم مستقبلها، لذا فهو مواكب للزمن لغة وأسلوباً وثقافة".
ويرى الشيخ أبن خميس أن "لكل من الشعر الفصيح والشعبي شأنه : فالشعر العربي الفصيح بمكانته وبأسلوبه وبأقدميته وبما له من تأثير في المجتمع لا شك في أن له المكانة الأولى، ومن الواجب المحافظة عليه وعدم التفريط به والمساهمة في هدمه أو الاضرار به. وهو شعرنا الأبي ومثالنا الأسمى وقدوتنا قديماً وحديثاً. أما الشعر الشعبي، فله مكانته وله سموه بما درج وبرز منذ ما يقارب ثمانية قرون، وبما تولى من حضارة هذه الأمة ومن مكانتها وإبداعها، حيث احتلّ جانباً كبيراً من الحياة الوطنية في جهادها ونضالها ومعرفتها وسمو قدرها، ولا ينبغي أن نقدح فيه أو نشينه أو أن نقول عنه ما ليس بحق".
أما الدكتور الصويان، فيخرج هذا الشعر من "دائرة التقليدية والمراوحة في المكان نفسه والدوران في فلك الذات"، معتبراً أنّه "يتجاوز حدوده المكانية ويحقق انتشاراً واسعاً في أرجاء الوطن العربي كله. والدليل على ذلك مواكبتة الزمن، لغة وأسلوباً وثقافةً. إن القصيدة النبطية استطاعت أن تتحول من قصيدة ملحمية حماسية إلى قصيدة غنائية رومانسية، كما ان الأغنية الخليجية التي تقوم على هذا الشعر استطاعت أن تتخطى حدودها المكانية. إلا أن الشعر النبطي لايمكن أن يكون بديلاً للشعر الفصيح، وإنما هما صنوان متعايشان متآلفان. هناك شعر فصيح للنخبة المتعلمة والطبقة المثقفة يشترك فيه كل أبناء الأمة العربية، وهناك في كل قطر عربي شعر يقال باللغة المحلية وهو ذو نكهة خاصة. ولا يشكل هذا النوع من الشعر أي تهديد على الفصيح. وكل شعوب الدنيا لديها هذا النوع من الازدواجية بين اللغة اليومية المحكية وبين اللغة العالمة".
وبما ان المحك الأخير لقيمة هذا الشعر، وقدرته على البقاء مرهونة بالمستوى الثقافي وفاعليته، فأن الشعر الشعبي سيستمر طالما استمرت العاميات، ومستقبله مرتبط بمستقبلها، وهذه فكرة يتبنّاها الدكتور البازعي، لكنه يرى أنه "قد يتضاءل حجم المساحة التي يحتلها الشعر العامي في وسائل الإعلام، تبعاً لظروف إجتماعية وسياسية معينة، لكنني استبعد غيابه التام. وفي الوقت الحاضر، تظل الأغنية رافداً مهماً من روافد ازدهاره في بلدان الجزيرة العربية. والأغنية كما نعلم مرتبطة بعوامل اقتصادية تمد الشاعر والمطرب والملحن بأسباب العيش. هذا إضافة إلى عوامل أخرى تساعد على البقاء والازدهار مثل الوجاهة الاجتماعية وما يقابلها من أشكال "التسول" المؤسفة التي تدفع بعض المحررين في المجلات إلى استجداء وجوه معينة لتلميعها واستدرار ما لديها من دعم".
أوجه الشبه والأختلاف
إذاً من المؤكد أن الشعر الشعبي سيظل مزدهراً، لا سيما في أشكاله العادية. لكن من الخطأ الاعتقاد أنه سيكون بديلاً للشعر الفصيح بأشكاله المختلفة. فالشعر العربي الفصيح في الجزيرة، سواء كان تقليدياً أم تفعيلياً محدثاً، أم نثرياً، ما يزال وسيظل مزدهراً. ولا عبرة بتوجهات الأذواق المتواضعة التي تبحث عن الجاهز السهل سواء في الفصيح أم في الشعبي. وبالمناسبة فإن الشعر المتميز غريب بطبيعته بغض النظر عن اللهجة أو اللغة التي ألف بها.
وفي هذا السياق يورد الدكتور البازعي عدداً من الأسماء متناولاً أوجه الشبه والأختلاف بين أولئك الشعراء، فيقول : "قبل عامين تقريباً أتيح لي أن أشارك في مهرجان الجنادرية بورقة تناولت ملامح التجديد في الشعر الشعبي الحديث، بينت فيها أوجه الاختلاف بين شعراء من أمثال مساعد الرشيدي وفهد عافت، وبين شعراء النبط أو الشعراء النبطين، كمساعد الرشيدي مثلاً، وقد تحول إلى شاعر أغنية في المقام الأول، يكتب بلغة عامية متطورة ومرهفة ويسجل صوراً مبتكرة أبعد ما تكون عن نمطية الصور ومباشرتها في الشعر النبطي التقليدي. أما فهد عافت فهو شاعر شعبي يأتي فقط من اللهجة التي يكتب بها، وإلا فهو في الطليعة بين شعراء الجزيرة العربية، شعبيهم وفصيحهم، وله أعمال لم يرق إلى مستواها بعد أكثر شعراء اللهجات الفصحى والعامية، سواء كتبوا القصيدة التقليدية أم الارتقاء في الحداثة . وعافت في واقع الأمر أحد المؤشرات المهمة على قدرة اللهجة الشعبية على الارتقاء في التعبير على يد الموهبة المميزة إلى مدارج لا تقل عن غيرها إطلاقاً. فلدى هذا الشاعر مثلاً قصائد كثيرة تندرج في عداد قصيدة النثر بمعناها المعاصر. كما أنه يستخدم استراتيجيات تعبيرية معقدة وجميلة جداً من مجازات وغيرها، إضافة إلى العنصر البصري أو شكل القصيدة على الصفحة مثلاً، وهذا العنصر لم يستخدمه الكثير من شعراء قصيدة النثر الفصيحة بعد.
إن عافت والرشيدي وغيرهما، مثل نايف صقر والحميدي الثقفي، يشكّل شعرهم إضافات مهمة إلى الشعر في الجزيرة بوصفه شعراً، وبغض النظر عن اللهجة التي كتب بها".
ويضيف البازعي: "لكن المرء إذ يقرؤهم ويجد في نفسه القدرة على تلقيهم وتذوقهم، لا يستطيع أن يغفل أن هذا الشعر يظل سجين لهجته في المحيط العربي الواسع، وأن قدرته على الوصول إلى القراء العرب خارج اللهجات المحلية محدودة فهو بحاجة إلى شرح كثير، إن لم أقل ترجمة، على الرغم من أن المحدثين ممن ذكرت قريبون في لغتهم الشعرية من الفصاحة التي تسمى لغة المثقفين، ومن هذا المنطلق يبدو لي أن جانباً من الشعر الشعبي، لدى من ذكرت وأمثالهم، قابل للتطور في اتجاه الفصاحة، بينما سيظل هناك شعراء مستمرون في النسج على ما ألفوا".
نتاج فكر ساذج
أما الدكتور مرزوق بن تنباك فيواصل هجومه العنيف. فالشعر النبطي في رأيه "شعر مرحلي يستجيب لفترة قصيرة من الوقت. ثم يتغير لغةً وموضوعاً وأسلوباً، لأنه نتاج فكر ساذج ولغة محدودة مغلقة. كما أنه لايمكن أن يكون بديلاً للشعر الفصيح ولو في بعض الحالات". ويضيف بن تنباك: "أرجو ألا تأخذنا مفردات الكلمة ودلالتها، عما يجب أن نفكر فيه قبل أن نسأل عنه. لأنه لا يجوز حتى التفكير في تجاوز اللغة الفصحى، إنّها لغة كيان ووحدة ولغة أمة وتراث ولغة تاريخ. فأي شعر وأي لغة عامية تكون بديلاً عنها؟! إنها كلمة كبيرة لا يجوز أن يتفوه بها عربي من أبناء هذه الأرض".
ويذهب الشاعر محمد دخيل العصيمي في منحى مختلف، إذ يؤكّد أنه "ما دام الشعر العامي يقال بلغة التخاطب اليومية لفئة من الأمة تكاد تكون أكثرية في المجتمع، فهو ترجمة حرفية لمعاناة الأفراد ويصوغه الشعراء في قوالب شعرية مفهومة من قبل العامة، وسوف يستمر بهذه الطريقة مادام أفراد المجتمع يتحدثون باللهجة العامية. فقط أن الأمة كلما تقدمت في ثقافتها فأن ذلك سوف يطور لغتها وأسلوبها وثقافتها، وبالتالي سوف يتطور الشعر العامي ويقترب من اللغة العربية الفصحى".
إلا أن العصيمي يرى أن "الشعر العامي ومنذ أن عرفه أبناء الجزيرة قبل حوالي ألف سنة، وعرفه أيضاً أبناء العربية في جميع أنحاء الوطن العربي، وهم يقولونه بلهجات شعبيه محليه مختلفة، ولم نره خلال هذا الزمن الطويل يتقدم خطوة واحدة في ميدان احتواء اللغة العربية او النيل منها او حتى التأثير فيها. بل أن اللغة العربية في الآونة الأخيرة، وبعد أن نهل شعراؤها الشباب من علوم العربية بواسطة حصولهم على درجات عليا من التعليم، أخذت تقتحم مفرداتها الإشعار العامية وبدأ الشعر العامي يتحول إلى شعر عامي في مفردات عربية".
ويستنتج العصيمي من ذلك أنّه "لا يمكن لهذا الشعر أن يهدم اللغة العربية، بل أن تحول الأمة إلى اللهجة العامية في ميدان التخاطب وإيصال المعلومة إلى الأفراد بواسطة تلك اللهجة، ومن أدواتها مسلسلات الأطفال في التلفزيون، والأفلام والمسلسلات اليومية ويأتي الشعر العامي ودوره في الهدم في مراحل متأخرة".
ويرى الشاعر خضير البراق "أن هناك تناسباً طردياً بين ثقافة المجتمع وتطور الشعر الذي ينضج بنضج البيئة أيضاً وليس الشاعر فحسب، فالشعر هو لغة مجتمعه، وأبن زمنه وبيئته، وكلما كان المجتمع على قدر من النضج والوعي والثقافة، كان الشعر كذلك والعكس صحيح أيضاً. وأعتقد أن الشعر الشعبي استطاع ان يأخذ صفة عصره ومجتمعه سلباً وايجاباً، أي أنه تطور من حيث الاخيلة، لكنه فقد الكثير من رزانته وتعقله وبالتالي تأثيره وسلطته!".
غزو اللغات الأخرى
ويتفق الشاعر البراق مع معظم الاراء التي لا ترى في هذا الشعر خطراً على اللغة الفصحى أو الشعر العمودي. ويوضح: "إذا كان ثمة خطر على الشعر الفصيح، فهو لن يأتي من الشعر الشعبي بأي حال من الأحوال. فقد ظل هذا اللون من الشعر رافداً لشقيقه الأكبر الفصيح على مدى عقود من الزمن، ولم يجرؤ على مزاحمته أو إزاحته حتى في أحسن ظروفه، وأسوأ ظروف الفصحى. لكن الشعر الشعبي يسد، في اعتقادي، فراغاً مهمّاً تركه غياب الفصحى عن العامة. أما الخطر الحقيقي، فهو غزو اللغات الأخرى التي تحمل فكراً آخر. وقد بدأنا نلحظ بروز لهجة أو لهجات مدجنة وغربية، لا هي بالعربية ولا بالانكليزية ولا بالأردية وهنا الخطر والتذويب !
ويذهب الشاعر ابن جعيثن في المنحى نفسه إذ يرى أن "الشعر الشعبي لهجة تتأثر بالمناخ الثقافي لكل شعب وأمة، يستوطن دائرة الضوء مثلما تستوطن الشمس الفضاء وتحتضن كل فجر جديد، من أجل أن يواكب الحياة الثقافية لكل مجتمع. فهو المرآة العاكسة لثقافة هذا المجتمع. ولكن في الوقت نفسه لايمكن أن يكون بديلاً عن الشعر الفصيح إلا في حالة إخفاق الشاعر العربي الفصيح في كتابة نص المتنبي، أستاذ الشعراء. وسيكون لعبدالله بن سبيل أو إبراهيم بن جعيثن أو الهزاني أو القاضي كلمتهم، إذ أن لكلّ شاعر همومه الخاصة، ولا ضير في ذلك. فهو حالة إبداع وفن منفرد"
الحلقة الثانية في العدد المقبل
مقتطفات شعرية للأمير خالد الفيصل
لو وفيت وجيت يوم زرتني
لو صدقت أفنيت روحي في هواك
لو سمحت بنظرتك وامهلتني
أحضن عيونك بقلب ما نساك
لو لمست الوجد بي ولّعتني
واهتديت بنور قلبي وافتداك
لو نظرت بعين قلبك شفتني
ما معي مخلوق يستاهل غلاك
ليتك من الحب ما خوّفتني
كان أعيش ألفين عمرٍ في رجاك
يا قليل الحظ لو رغّبتني
كان أخجل كل بدرٍ من ضياك
القدس... يا أهل القدس!
شعر: خضير البراق
يا منتصر بالكوره المستديره
اخجل... وطالع لانتصار الحجاره
اللي تصدّت للجيوش المغيره
وردّت لشعب "الضفتين" اعتباره
يمكن تثيرك سالفتها المثيره
والا حرارتها تمدك حراره
والا... تغير... إن كان بدماك غيره
وتقوم واقف... كان عندك مراره
اليوم جاء وقت المدد، والذخيره
وراع اليمين احتاج فزعة يساره
نلبّس الشرهه عيال الجزيره
أهل الحميّه والشيم والنماره
اللي لهم في صفحة المجد سيره
ويشهد لهم بالفعل عصر الحضاره
القدس... يا أهل القدس... حاله خطيره
صارت زواياه الكريمه جحاره
تحيط به من كل جانب سعيره
وفي قلبه الطاهر... تداس الطهاره
ان ما فزعنا له... ورحنا نجيره
من غيرنا يا قوم يأخذ بثاره
طال السكوت... وسيفنا في جفيره
واليوم حان الوقت ننفض غباره
خمسين عام... وقافلتنا كسيره
والليل يذبح في طرفنا نهاره
خلاص هبّوا... واعلنوها مسيره
وخلّوا خضار الكون يلبس حماره
حتى أنت... يا ابن الكوره المستديره
شجع بدل ناديك... ناد الحجاره


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.