عندما تريد أن تتعمق في أي دولة فإنك تنظر إلى أدبها وتاريخها وفنونها، ولا يمكن للفن أن يكتمل أو أن يظهر بكامل قوته دون الموسيقى، فهي اللغة التي تستطيع إيصال ما تريد إلى من يستمع لها، دون أن تعتمد إلى كلمات واضحة أو رموز معبرة أو صور تعبيرية، نغماتها هي المسؤول الأول والوحيد عن معانيها، فالموسيقى هي المرسل والرسالة والوسيلة في العملية الاتصالية في آن واحد. قديماً نظم الإنسان الشعر وأصبح يحيكه في المدح والرثاء وفي جميع ما يحاكي أحاسيسه ومشاعره. تعتبر الموسيقى عموما والأغاني خصوصا الهوية الأولى للشعوب، فكل شعب له نشيده الوطني بلحنه الخاص به، ويستطيع كل من يستمع إليه أن يستخلص أهم المعاني فقط من الألحان دون الحاجة لفهم مايقال. المناسبات والاحتفالات كالزواج والمولود والنجاح على جميع الأصعدة لا تكتمل، إلا بوجود تشكيلة من الأغاني والألحان، ولا يمكن أن تبدأ اللحظة الأولى في أي قصة حب إلا بوجود أغنية تقول مالا يقوله العاشقان في لهفة الحب الأولى. وإذا نظرنا إلى الدراما سنجد أنها وبالرغم من كل ما تقدمه للمشاهد لا تستغني عن الخلفيه الموسيقية، في كل مشهد مدعمة بذلك النصوص لكي تزيد المحتوى قوة وتأثير في الرسالة التي تريد إيصالها للمشاهدين. اليوم يتصدر المطربون والفنانون وذوو الحناجر الذهبية في جميع المجتمعات الإنسانية قائمة الأكثر دخلاً سواءً بعض الفنانين الشعبيون أومن ينتمون إلى شركات إنتاج مرئي ضخمة تقدر بالملايين ويشاهدها البلايين حول العالم. وعلى مستوى الديانات كانت الموسيقى العنصر الأكثر جدلاً وحضوراً على سبيل المثال في الديانة المسيحية تزف الجنائز على نغمات الجاز وتقرع لأجلها الطبول. وفي الإسلام تضاربت الآراء حول تحريم الموسيقى وتحليلها، ولكن حتى تحريما لم يحل بين الاستماع لها واستخدامها، فوجدت الإيقاعات التي لها تشترك مع الموسيقى في كل شيء باختلاف تسميتها. وتنوعت القصص التي كانت تجعل سماع الأغاني أو الألحان من أكبر الموبقات وأضخمها بشاعة.. فقيل أن من يستمع إلى الأغاني يلاقي عقوبة لامفر منها يوم القيامة. واحدة من التحولات التي قادتها هيئة الترفيه في المملكة لنشر البهجة في المجتمع هي السماح بالحفلات الغنائية، وعملت بذلك بعض المطاعم وأماكن التجمعات. جميعنا نعلم أن الفن يبحث عن روعة النتيجة. يتبقى سؤال للتفكير وليس الرد، هل يمكن العيش من دون الموسيقى؟