المؤشر الحقيقي لرغبة الولاياتالمتحدة تقليم أظافر النظام الإيراني والدخول معه في مواجهة عسكرية يتشكل عبر تضييق الخناق على ميليشياته المسلحة في سورية والعراق؛ لأن أمريكا دون البدء بضرب هذه الميليشيات لا يمكن أن تواجه إيران، فهذه الميليشيات تشكل تهديدا مباشرا لأي جهد عسكري أمريكي وعاملا معرقلا لتخطيطها في هذا الصدد. شكلت إيران ميليشياتها ودعمتها كي تحارب عنها بالنيابة في العراق وسورية ولبنان واليمن مستخدمة العامل المذهبي الطائفي، ومدت هذه الأذرع بما يجعلها أداة مساعدة في مواجهات محتملة مع من يقف ضد مشروعها التوسعي، ولا شك أن واشنطن تدرك هذا البعد؛ وبالفعل بدأت التحضير لتقزيم هذه الميليشيات تمهيدا لعمل عسكري كبير يضع إيران في حجمها الحقيقي. يقول جون كيري وزير الخارجية الأمريكية السابق إن إيران أنفقت 55 مليار دولار من أموالها المجمدة بعد الاتفاق النووي على الإرهاب ودعم الميليشيات الصفوية، وهذا بمثابة المبرر الذي تسوقه أمريكا للبدء في مواجهة واسعة ضد الميليشيات أولا ثم الشروع بحصر إيران في الزاوية التي ينبغي أن تقبع فيها، فلم يعد عند الإدارة الأمريكية الجديدة أدنى تردد في تقليم أظافر إيران. من هنا يفهم المراقب لماذا أرسلت واشنطن سربا من طائرات أف 35 إلى منطقة الخليج العربي لأول مرة، ولماذا بدأت إعادة نشر قواتها في الصحراء الغربية، وكثفت وجودها عند الحدود العراقية السورية في المنطقة الممتدة من معبر الوليد العراقي والتنف السوري وصولا إلى معبر القائم العراقي والبوكمال السوري، وهي منطقة تمتد على طول 244 كيلومترا تقريبا. واضح جدا أن هذا العمل يستهدف إغلاق تلك المنطقة الإستراتيجية والحدّ من حركة الميليشيات الصفوية وعرقلة انتقالها الحر في حالة بدء أية مواجهة مع إيران. ليس رجما بالغيب إنما هذه حقائق جديدة قديمة تنسجم مع التصريحات التي بدأ بها الرئيس ترمب ولايته وما على المراقب سوى الانتظار! * إعلامي عراقي يقيم في لندن