كم هي مؤلمة حينما ترى العداوة والبغضاء من القريب دون سبب! أو لسبب تافه في ميزان العقلاء! وكم هو قاتل حينما تلتفت فجأة من ألم الطعنة فترى من كنت تهتم لأمره وتدفع عنه الصفعات وتتلقى في سبيله الوخزات هو من طعنك! يوجد أناس حولنا تجري في عروقهم دماء الأجداد وربما أحد الأبوين خرج من رحم واحد، ولكن النفوس تختلف اختلافا تضاديا عكسيا. نفس شيطانية تنكر القربة وقبلها تنكر مبادئ الدين والخلق بأفعالها، ونفس عكس ذلك طبعا، وترى في ذلك الكائن محدودية الدين في صلاته فقط أن صلى، والتي أظن أنها صورية كنقر الغراب تزيده بعدا من الخالق والخلق «إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر والبغي». تلك المسوخ البشرية تعيش أدوارا في حياتها، فمرة تشعر أنها الذات العظماء على مستوى البشر وبالأخص على أقاربه وأهله والباقي في نظره دون المستوى، ومرة تشعر بأنها ضحية «حين الانهزام»، وسيأتي يوم لتحقيق النصر وإبادة الخصم القريب قبل البعيد. ومرة ترى فيه هدوء وسكينة طبعا هذا هدوء ما قبل العاصفة. مثل هؤلاء يا قوم لا تتضجروا من وجودهم بينكم، فهؤلاء مصدر لكل خير وإلهام في حياتكم الدنيوية فهم يفجرون فيكم المواهب الكامنة للكتابة الأدبية، ومحاولة كتابة الشعر العربي والنبطي حين الشعور بالحزن والألم من طعناتهم وتصرفاتهم وكذلك الاحتساب عند الله تعالى لنيل الأجر والثواب حين الصبر على سلوكياتهم الغريبة، وكذلك أجر محاولة إصلاحهم بشتى الوسائل المتاحة والممكنة، وكذلك حينما تشعر بنعمة الله تعالى أن عافاك بما ابتلى به غيرك. أقول ذلك وقد ضجت المحاكم بمثل هذه المشكلات بين الأقارب وكثر التباغض والتباعد بين المسلمين ذوي القربى وإن لم تبلغ حد فصل القضاء، والله المستعان. [email protected]