في الوقت الذي تحقق الدبلوماسية السعودية حراكا إيجابيا داعما للاستقرار في لبنان كسب احترام الشارع اللبناني وأوساطه السياسية المعتدلة، لا تزال هناك محاولات بائسة يقودها ما يسمى بمحور الممانعة الذي تقف خلفه إيران ونظام الأسد وميليشيا حزب الله وتنظيم الحمدين، لتشويه الجهود الإيجابية التي تقودها سفارة المملكة في بيروت، الرامية إلى تحقيق الاستقرار وتقوية أواصر العلاقات السعودية اللبنانية. ومن آخر هذه المحاولات الفاشلة، المزاعم الكاذبة والمغرضة التي ساقها مراسل قناة العالم الإيرانية حسين مرتضى المحسوب على «حزب الله» الذي عمل أيضا مديرا لمكتب القناة في دمشق، ببثه فيديو مسجلا على اليوتيوب هدد من خلاله ب«قطع أرجل» القائم بالأعمال السعودي، وليد البخاري، في حال استمر بما يزعم أنه «إثارة الفتنة» في لبنان، وهو ما تسبب في استدعائه من قبل الجهات الأمنية والتحقيق معه. وحاول إعلام الجماعات الغوغائية التي تلقب ب«الممانعة» والموالين لحزب الله شن حملة مسعورة وهجوما مسيئاً ضد القائم بالأعمال السعودي في بيروت عبر مواقع التواصل الاجتماعي، استنادا إلى الادعاءات الكاذبة والمفبركة التي ساقها مرتضى، اقترن بوسم (#اطردوا_البخاري_راس_الفتنه)، وبتغريدات موجهة تترجم مستوى الانحدار السحيق الذي بلغته هذه الجماعات. ولكن كان للبنانيين رأي آخر أفشل كل تلك المحاولات في مهدها، بعد أن وجهوا آراء مضادة لتلك الحملة من خلال وسم (#البخاري_في_بيته_وبين_أهله)، رداً منهم على تلك الفبركات وتأكيدهم على أهمية العلاقات التي تجمع لبنان بالسعودية والدور الإيجابي الذي يقوم به القائم بالأعمال السعودي وليد البخاري. وفي هذا السياق، أبدى عضو المكتب السياسي في تيار المستقبل الدكتور مصطفى علوش عدم استغرابه من الحملة التي تشن على السعودية بشكل مبرمج، مؤكداً في تصريحات إلى «عكاظ» أن من يقف خلف هذه الحملة بدءا من حسن نصرالله وصولا إلى خامنئي يعتبرون المملكة العدو الأساسي، مبيناً أن ما تروجه أوساط ولاية الفقيه من روايات تراوح بين الأسطوري والسياسي، إلا أننا نحن اللبنانيين نؤمن أن أفضل علاقة في تاريخنا أقيمت بين لبنان وبلد شقيق هي العلاقة اللبنانية - السعودية. وأضاف علوش: لا يمكن اختصار دور المملكة في المنطقة أو في لبنان من خلال أياديها البيضاء، فدور المملكة يتخطى المساعدة والأخوة على مدى 70 عاما من العلاقات، واللافت أن الدور السعودي لم يكن موجهاً لفئة من اللبنانيين بل شمل الخير والعطاء كافة الفئات والطوائف اللبنانية دون تفرقة، مؤكدا أن المملكة تؤمن بدور وتعددية لبنان، ولذا ساهمت عبر دورها الحكيم في أن تبقى هذه التعددية، ولَم تقم بفرض أي وصاية أو أجندة على لبنان، ورسالة المملكة للبنانيين دائما تحثهم وتدعوهم للحفاظ على وحدة صفهم ووحدة وطنهم وعيشهم المشترك، ودوما هي رمز الأخ الأكبر الذي يمد يده للمساعدة وتتحمل محاولات التشويه التي ما زالت تمارسها أبواق الولي الفقيه. وكانت الأوساط السياسية تؤكد عبر العديد من الوسائل الإعلامية في لبنان أن عودة العلاقات السعودية اللبنانية إلى سابق عهدها تثير قلق بعض الأطراف الإقليمية وعلى رأسها إيرانوقطر، وهو ما يدفعهما إلى التحرك بزخم أكبر للتشويش على هذه العودة، من خلال تكثيف الدعم لميليشيا حزب الله والتيارات المتوافقة معها وتحريك أذرعها الإعلامية لشن حملات كاذبة بهدف خدمة أجنداتها. وتسعى قطر من جهتها إلى ضرب الجهود السعودية بدعمها المكشوف لمواقف حزب الله، إذ تسعى خلال أذرعها الإعلامية إلى تخريب العلاقات بين لبنان والدول المقاطعة لقطر ومشاريعها الإرهابية في المنطقة وعلى رأسها السعودية والإمارات، ولكن كشفت وسائل الإعلام مسبقاً الدور المشبوه للسفير القطري في بيروت علي بن حمد المري بوقوفه خلف إساءات صحفية طالت دولة الإمارات في أبريل الماضي، إذ أظهرت تقارير صحفية أن السفير القطري كان يقف وراء مواد مفبركة نشرتها صحيفة «الأخبار» المقربة من حزب الله لتشويه دولة الإمارات، إذ زعمت الصحيفة حينها الحصول على ما سمته «برقيات سرية صادرة عن السفارتين الإماراتية والأردنية» في لبنان، واستهدفت تلك البرقيات الإمارات وسفيرها حمد الشامسي لإعطاء تصورات كاذبة بأنه عامل مزعزع لاستقرار لبنان ويعمل على التحريض ضد رئيس الوزراء سعد الحريري. وسارعت حينها قناة «الجزيرة» القطرية لترويج ما ورد بالمواد المفبركة ووصفتها ب«الوثائق الرسمية»، فيما اعتبره محللون سياسيون جزءا من الدور الإعلامي القذر الذي تؤديه قناة الجزيرة، فيما نفت الجهات الرسمية في لبنان حينها ما تم تداوله من قبل الصحيفة، وأشارت تقارير إعلامية في الوقت ذاته إلى أن السفير القطري هو المسؤول وبشكل مباشر عن تلك الشائعات والفبركات التي تبثها الصحيفة المعروفة بتوجهاتها المغرضة تجاه عدد من دول المنطقة، وفي مقدمتها السعودية والإمارات ومصر، وهو ما دفع السفارة القطرية مباشرة لإصدار بيان بالنفي إلا أن السفير القطري التزم الصمت ولم يقدم أي رد. مواقف قطر المشينة بدعمها لسياسات إيران وحزب الله في لبنان ليست وليدة اللحظة، فلطالما كانت هناك العديد من المحطات الشاهدة على ذلك، ومن بينها حرب 2006 حينما تولت الدوحة مهمة تمويل مشاريع إعادة إعمار جنوبلبنان عبر مؤسسات حزب الله وليس من خلال الدولة اللبنانية. وحين قام حزب الله باجتياح العاصمة بيروت في مايو 2007 كان موقف قطر يميل إلى حزب الله. وفي أوج الأزمة السورية تولى النظام القطري رعاية مفاوضات بين حزب الله وجبهة النصرة في أكثر من مناسبة، خصوصا في مفاوضات تبادل الأسرى بين الجانبين أو إخلاء المناطق. وقبل الانتخابات النيابية اللبنانية في مايو الماضي، سعت قطر إلى تخريب جهود المملكة الدبلوماسية لعودة العلاقات مع لبنان، وقامت الدوحة بدعم مواقف حزب الله ومن يدور في فلكه في الساحة السياسية اللبنانية، وكانت السعودية حينها قد أوفدت إلى بيروت المستشار في الديوان الملكي نزار العلولا الذي قام بجهود دبلوماسية كبيرة استطاعت أن تعيد الحرارة بقوة إلى العلاقات السعودية - اللبنانية كما كانت في سابق عهدها، إذ أجرى حينها جملة من اللقاءات ومنها مع الرئيس ميشال عون قبل أن يعود إلى الرياض لاستقبال رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري الذي لبى دعوة رسمية من خادم الحرمين الشريفين، في أول زيارة له بعد أزمة استقالته من رئاسة الحكومة، وبعد زيارته للمملكة أكد على إيجابية الزيارة وتفهم توجهاته السياسية، فيما كانت قطر تسعى إلى استمرار الأزمة بين لبنان والسعودية، ونستذكر في ذلك تصريحات وزير خارجيتها محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، التي تبنى فيها ما يروجه حزب الله وحلفاؤه آنذاك حول أزمة استقالة الحريري. واليوم وبالرغم من استمرار فشل سياسات «تنظيم الحمدين» التخريبية، لا تزال الدوحة تبحث مع حلفائها إيران وحزب الله، عن أي محاولات جديدة تخترق عبرها الساحة اللبنانية للتأثير على علاقاتها مع السعودية والدول العربية المقاطعة للإرهاب الذي تدعمه قطر وتموله بشتى أشكاله.