اختتم لبنان عطلة الأعياد بالاحتفال أمس بالذكرى ال67 للاستقلال، وافتتح معه أسبوعاً من الاتصالات والزيارات الخارجية المكثفة حول أزمته الداخلية الناجمة عن الانقسام حول المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، بدءاً بزيارة مفاجئة لرئيس الحكومة القطرية وزير الخارجية حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني الى بيروت، قبل ساعتين من انتقال رئيس الجمهورية ميشال سليمان الى قطر بدعوة من أميرها حمد بن خليفة آل ثاني بعد ظهر أمس في زيارة تستمر حتى اليوم، فيما ينتظر أن يستقبل كبار المسؤولين غداً رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان في زيارة تستمر الى الخميس، ينتقل بعدها رئيس الحكومة سعد الحريري الى طهران السبت المقبل في زيارة رسمية تستمر يومين، فيما توالت المواقف الخارجية حول الوضع اللبناني وكان آخرها أمس بيان الاتحاد الأوروبي بعد اجتماع وزراء خارجيته في بروكسيل الذي دان «حملات الترهيب» ضد المحكمة الخاصة بلبنان. وجمع عيد الاستقلال أمس أركان الدولة في عرض عسكري أقامه الجيش والقوات المسلحة صباحاً في وسط بيروت، ووقف الى جانب سليمان كل من رئيس البرلمان نبيه بري والحريري وسائر الوزراء والنواب وكبار المسؤولين والقيادات العسكرية، ثم في حفلة استقبال أقامها سليمان للمناسبة حضرها معظم قادة الطبقة السياسية والسلك الديبلوماسي وتغيب عنها زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون، رئيس «اللقاء النيابي الديموقراطي» وليد جنبلاط ورئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية. ولم تكد الاحتفالات الرسمية بعيد الاستقلال تنتهي حتى وصل الى بيروت رئيس الوزراء القطري واجتمع مع سليمان، ليلتقي بعدها بري ثم الحريري، فيما كان رئيس الجمهورية غادر الى الدوحة، حيث استقبله في المطار أمير الدولة الشيخ حمد واصطحبه الى مقر إقامته وعقدا جولة أولى من المحادثات. وقال مصدر لبناني رسمي إن البحث «تناول العلاقات المميزة والأوضاع في المنطقة وعلى الساحة اللبنانية». وأكد المصدر أن «قطر على استعداد لمساعدة لبنان على الدوام لحل مشاكله والتوصل الى حلول لها، خصوصاً أنها راعية اتفاق الدوحة». وبينما وصف مكتب بري زيارة رئيس الوزراء القطري الى بيروت بأنها «خاصة»، قالت مصادر مطلعة ل «الحياة» إن حمد بن جاسم «لا يحمل مبادرة معينة حول الوضع اللبناني وإنه حرص على الاستطلاع والاستفسار عن الجهود القائمة لمعالجة الأزمة في البلاد، خصوصاً أن قطر تدعم المسعى السعودي - السوري ولا تطرح أي شيء خاص». إلا أن المصادر أشارت الى أن الجانب القطري «أكد أهمية اتفاق الدوحة بين الفرقاء اللبنانيين واحترامه وتطبيقه». وأوضح مصدر قطري ل «الحياة» أن زيارة بن جاسم هي زيارة خاصة وأنه لمناسبة وجوده في بيروت قام بزيارة مجاملة الى الرؤساء الثلاثة للاطمئنان ولم يتم التطرق الى الوضع الداخلي اللبناني. وغادر الضيف القطري بيروت مساء أمس. وتمهيداً لزيارة الحريري طهران وصف وزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي الزيارة بأنها «مهمة وخطوة كبيرة على طريق مواصلة التعاون بين البلدين» وأكد متقي أن بلاده (وكالة مهر للأنباء) «تقف الى جانب الحكومة والشعب اللبناني وتدافع دوماً عن وحدة التراب والمقاومة الوطنية في لبنان». وتأتي هذه التطورات على صعيد الاهتمام الخارجي بالوضع اللبناني في ظل التحضير لزيارة أردوغان غداً للبنان والتي ستشمل جولة له برفقة الحريري في عكار لافتتاح مشاريع مولتها تركيا، وكذلك في صيدا. كما أن الأوساط السياسية اللبنانية ما زالت تترقب الاتصالات السعودية - السورية، الجارية بحثاً عن مخرج للخلافات اللبنانية. وفيما قال السفير الإيراني في بيروت غضنفر ركن أبادي أمس إن إيران ترحب بأي مبادرة من أجل لبنان، فإن مصادر مطلعة نفت الأنباء التي أشارت الى أن مستشار خادم الحرمين الشريفين الأمير عبدالعزيز بن عبدالله زار دمشق أول من أمس، معتبرة أن الكثير مما ينشر عن مضمون الاتصالات السعودية - السورية هو أقرب الى التكهنات. وفي هذا السياق قال رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أمس إن الوضع في البلاد «يميل الى الاستقرار على رغم كل التشنجات والتوترات التي نشهدها». وامتدح خطاب الرئيس سليمان الذي ألقاه أول من أمس لمناسبة عيد الاستقلال. وكان الوضع السياسي الداخلي مدار بحث بين سليمان وبري والحريري في اجتماع عقدوه في القصر الرئاسي على هامش الاحتفال بذكرى الاستقلال. ووقع حادث صباح أمس أدى الى استشهاد عريف في الجيش اللبناني عند نقطة المصنع الحدودية حين أطلق مسلحون النار عليه، كانوا يستقلون سيارتين، عمل الجيش على ملاحقتهم. وفي بروكسيل (أ ف ب) تبنى وزراء الخارجية الأوروبيون بياناً دعوا فيه كل الأطراف الى «التعاون في شكل كامل مع المحكمة» التي أنشأتها الأممالمتحدة بهدف «وضع حد للإفلات من العقاب وإرساء الاستقرار» في لبنان. وأضاف الوزراء أن الاتحاد الأوروبي «قلق حيال حملات الترهيب التي تمارس بهدف عرقلة عمل المحكمة الخاصة بلبنان، ويندد بالمحاولات الجارية حالياً في هذا الإطار». وأشاروا الى «تكامل الجهود الهادفة من جهة الى تأمين العدالة على المستوى الدولي في ما يتصل بمقتل رفيق الحريري، ومن جهة أخرى الى ضمان استقرار لبنان». وكانت وكالة «رويترز» نقلت عن محطة تلفزيون «سي بي سي نيوز» الكندية استناداً الى مصادر التحقيق في اغتيال الحريري وعن وثائق، بأن التحقيق توصل الى أن أعضاء من «حزب الله» كانوا وراء الاغتيال، وسألت «الحياة» وحدة الإعلام لمكتب المدعي العام في المحكمة الخاصة بلبنان في لاهاي عبر البريد الإلكتروني تعليقه على هذا التقرير التلفزيوني فجاء الجواب أن مكتب المدعي العام «أُعلم بما صدر على المحطة الوطنية (أول من أمس) وبالمقال الذي كتب في هذا الصدد، وينتظر بث المحطة التقرير كاملاً الليلة (أمس) قبل إصدار أي بيان حول هذا التقرير».